ـــ إن سجل المعتقلين والأسرى الفلسطينيين المنسيين في غياهب المعتقلات والسجون اليهودية الصهيونية سطورٌ من الحرمان، عبر الأزمان، وكاد أن يطويه النسيان بعد أن بعثرته أوراق " أوسلو" المشئومة في كل مكان، فضاع في زحمة الجدل والباطل وكثرة الكلام...
الآن، الآن يعود ملف الأسرى والاعتقال ليكون في موقعه كعنوان، لقضية شعب أساسها حرية الإنسان، رغم أن الأسر للأبطال يبقى قلادة الأحرار ووسام الأبرار، وكم من الناس من نعدهم أسرى أغلال وهم أكثر حرية من الكثيرين بإرادتهم وعزمهم وحزمهم وصمودهم وثباتهم وصبرهم وقبل ذلك كله بإيمانهم بربهم وخالقهم وكذا إيمانهم المؤصل بحب وطنهم، تتحدث دمائهم قبل أفواههم، وما أقلَّ العاملين وما أكثر الثرثارين، هؤلاء الأسرى الأحرار والثوار الأبرار ينطبق عليهم قول الشاعر:
صامت لو تكلَّما لفظ النار والدَّما قل لمن عاب صمته خلق الحزم أبكما
ـــ في الوطن السليب " فلسطين " الأرض المباركة المحتلة الآف والآف الأسرى من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال في سجون الإحتلال الصهيوني البغيض ما هو الواجب المناط نحوهم ؟ وللإجابة على هذا السؤال نستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)، إنها وحدة عضوية بين أبناء هذه الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، وقد ذكر الفقهاء في كتبهم أنه لو أسرت أو سبيت امرأة في المشرق، وعجز أهل المشرق أن يحرروها من أسرها لوجب على أهل المغرب أن يحرروها لا فرق بين مشرق ومغرب. وفي سبيل إنقاذ هؤلاء الأسرى الأحرار تهون لدينا الأرواح والأموال والمهج والأفئدة والقلوب والأنفس، يقول الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " لأن استنقذ رجلاً من أيدي الكافرين أحَبُّ إليَّ من جزيرة العرب " وقال الإمام مالك رحمه الله على المسلمين أن يفكّوا أسراهم ويفدوهم ولو استغرق ذلك جميع أموالهم، فكيف والأمة كلها أسيرة، أسرى في أوطاننا وعقولنا وقلوبنا وأبداننا وأرواحنا وأنفسنا ــ ولا حول ولا قوة إلا بالله ــ
ـــ الخليفة الخامس الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بلغه أن رجلاً أُستُذِل في بلاد الروم فكتب إلى ملك الروم يهدده ويتوعده ويقول له: إذا بلغك كتابي هذا فأطلِق سراح هذا الإنسان وإلا غزوتك بجنود أولها عندك وآخرها عندي ! أين الأمة اليوم؟ لماذا لم تعبر عن نفسها؟ أين الأخوة العربية والإسلامية؟ أين الأماجد والأمجاد والماجدات؟ أين النشامى والغيرة والنخوة؟ بالله عليكم أنحن أمة واحدة؟! أنحن أصحاب مصير واحد!! لابد لهذه الأمة أن تبذل جهدها وتبذل النفس والنفيس والغالي والرخيص لقد قال أحمد شوقي رحمه الله:
وللحرية الحمراء بابٌ بكُلِّ يَدٍ مضرَّجةٍ يُدَقَّ
ـــ الحرية لا تُنال إلا بالدماء والتضحية بالنفس أقصى غاية الجود، والقوة لا يقابلها إلا القوة، إن الصهيونية تستخدم أعنف وأقسى وأشد القوة في محاربة أبناء فلسطين، نحن نحتاج إلى القيادة والريادة إلى من يقود هذه الأمة ! إلى من يفجر الطاقات ويولد الإبداعات إلى من يقول يا كتائب الله سيري ويا ريح الجنة هبّي، هذه الأمة تحتاج إلى من يقودها إلى الجهاد في سبيل الله، إلى المقاومة المستميتة والمستمرة مهما تكن التضحيات، فالتضحيات تهون في سبيل الله والحصول على الحق وتحرير الوطن السليب "فلسطين " وتحقيق الذات والحرية وتحرير كل الأوطان وإطلاق الأسرى من أسر الطغيان وجحافل الشيطان ودويلة البغي والغدر والعدوان. قال تعالى " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين "
وختاماً نذكر ونحذر الأمة الإسلامية جمعاء من عقوبة الخذلان لأبناء فلسطين يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من امرئ يخذل امرأً مسلماً في موضع ٍ تنتهك فيه حرمته ويُنتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته) أخرجه أبو داوود.
الرحمة للشهداء الأبرار والحرية لأسرانا الأحرار والمجد للثوار.
للتأمل:
إني عذرت بني العروبة كلهم فلعلهم مثلي ضعاف الشانِ
ولعلهم مثلي أسارى إنما من دونما سجن ولا سجَّان
أرواحهم أسرى لدى أبدانهم أبدانهم أسرى لدى الأوطان
أوطانهم أسرى لدى حكامهم والْكُلُّ أسرى(الصهيو-أمريكاني)
إني عذرتهم فحرر جيلنا يا ربُّ وانصرنا بجيلٍ ثانِ
الشاعر الثائر/ فؤاد الحميري
*عضو الأمانة العامة للحركة الديمقراطية للتغيير والبناء (بناء)
Shab15@yamil.com
شهاب الدين المحمدي
إشارات وشذرات الأسرى المنسيون 2081