دول أبدت مساندتها لبرامج التقشف وأخرى تدعو لإطلاق النمو في الاتحاد الأوروبي، وعلى الرغم من ارتفاع التكلفة الاجتماعية للتقشف، إلا أن الاقتصادات تستفيد على المدى البعيد من انخفاض أسعار الفائدة التي تنتج عن موافقة مستثمري السندات العالميين، لكن فشلت هذه الطريقة في اليونان وأيرلندا والبرتغال وهي تخضع لتجربة صارمة الآن في أسبانيا التي كلما وعدت وحكومتها بخفض عجز الميزانية، كلما زاد الأجانب الذين يقومون بحسب سنداتهم الاعتقاد السائد لدى أصحاب السندات أن إسبانيا بما يكون من المستحيل عليها الإيفاء بالتزامات خفض العجز الحالي وسط واحدة من أكثر حالات الركود حدة في منطقة اليورو، وتؤكد هذا الاعتقاد أرقام البطالة التي بلغت 24.4% وهي الأعلى في أوروبا على الرغم من أن الحكومة لم تبدأ في فصل العاملين في القطاع العام بأعداد كبيرة حتى الآن.
لقد شهدت اسبانيا في السنة الماضية تدفقات نقدية للخارج تقدر بنحو "100" مليار يورو و"132" مليار دولار، ونتجت معظم هذه التدفقات عن خفض شركات التأمين وصناديق المعاشات والثروة السيادية لما بحوزتها من سندات إسبانية، وزاد معدل حركة بيع هذه السندات خلال الأشهر الماضية، حيث أتجه معظم الأجانب للبيع إلى البنوك المحلية المشبعة مؤقتاً بالسيولة التي حصلت عليها من برنامج قروض البنك المركزي الرخيصة على الرغم من أن البنوك الإسبانية توشك على الدخول في موجة من القروض العقارية المهددة بالتأخير عن السداد، وما يقود هجر المستثمرين لأسبانيا وجهة النظر المتمثلة في أن سياسة أوروبا الحالية الرامية إلى إرغام البلدان على تحسين درجة تنافسها من خلال خفض الإنفاق والأجور، من الطبيعي أن يهرب المستثمرون عندما يتقلص النمو في وقت يقلل والأجور، من الطبيعي أن يهرب المستثمرون عندما يتقلص النمو في وقت يقلل المسؤولون من دور انتشار العدوى، وبحسب اتفاقية إسبانيا مع الاتحاد الأوروبي ينبغي عليها خفض عجز ميزانيتها من 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي في الوقت الراهن إلى 5.3% خلال العام الحالي، بيد أن الخبراء لا يتوقعون أقل 6.2 % في أفضل الحالات.
وإسبانيا وحلفاؤها في أوروبا على قناعة من أنه إذا تم القيام بالإصلاحات الاقتصادية في مكانها المناسب، فمن المنتظر أن تساعد على تحرير أسواق العمل ذات القوانين الصارمة بطريق من شأنها توفير المزيد من الوظائف.
لكن وكما أظهر ذلك في حالة اليونان وأيرلندا، فإن مثل هذه التغييرات تتطلب الكثير من الوقت لتنفيذها، ومؤقتاً ينتج عن خفض الإنفاق والركود ارتفاع معدل البطالة وليس انخفاضها مما حدا بالمحللين إلى توقع ارتفاع معدل البطالة إلى 30% قبل أن تبدأ في التراجع.
ونشرت أرقام ـ أظهرت أن إسبانيا رابع أكبر اقتصاد في أوروبا وسبع دول أخرى في منطقة اليورو وسقطت في الركود ـ تفيد بأن إجراءات التقشف فشلت في استعادة الثقة في إقتصادات المنطقة، وأن جميع الأرقام الاقتصادية الحديثة الصادرة أكدت الانطباع السائد بأن قطاعات كبيرة من الاقتصادات الأوروبية تعاني حالياً من الانكماش، والدول التي تعاني من الركود إسبانيا، بلجيكا، اليونان، أيرلندا، إيطاليا، هولندا، البرتغال، وسلوفينيا.
وخارج منطقة اليورو تعاني منه بريطانيا، الدنمارك، جمهورية التشيك، لكن ألمانيا القائمة على هندسة إستراتيجية التقشف لم تظهر أي إشارة إلى أنها تريد تغيير سياستها.
يقول المحللون إن إستراتيجية التقشف تعود بنتائج سلبية على الدول التي تعاني أصلاً من ضعف في الطلب المحلي ومن انخفاض في معدل الفائدة، وهبوط الثقة في الاقتصاد وضعف البنوك يعني أن إجراءات خفض الإنفاق الحكومي لا يتم تعويضها عن طريق المستهلكين والشركات وأنها تؤدي بدلاً من ذلك إلى انكماش في النشاط الاقتصادي وإلى زيادة نقل الديون ووضع الثقة في الاقتصاد ووضع النظام المصرفي كله تحت ضغوط مضاعفة.
هامش:
1 الاتحاد الاقتصادي 22/4/2012
2. الاتحاد الاقتصادي 30/4/2012
3. الاتحاد الاقتصادي 2/5/2012
4. الاتحاد الاقتصادي 8/5/2012
د.علي الفقيه
إجراءات التقشف ودعوات إطلاق النمو وراء التغيير في فرنسا (2 2) 1941