أيام قلائل تفصلنا عن مؤتمر أصدقاء اليمن، وكل الأعين ترمق هذا المؤتمر بأمل كبير؛ كون انعقاده يأتي في وقت حساس جداً، وظرف استثنائي للغاية...فاليمن السعيد – قديماً- لا يزال يعاني من تبعات خاطئة لسياسات اقتصادية عقيمة استمرت عقوداً، ويعول عقلاء اليمن ومن لديهم حس وطني مرهف، وقبلهم الرئيس وحكومة الوفاق، يعولون على نجاح هذا المؤتمر لما يمكن أن يستفيده الوطن في قادم الأيام من خلال تلك المعونات والمساعدات التي ستساهم في إنعاش الاقتصاد الوطني والبنى التحتية والتي تأثرت بشكل غير مسبوق خلال العام الماضي منذّ انطلاق شرارة الثورة الشبابية.
وما من شك بأن هذا المؤتمر هام وهام جداً ينبغي على الحكومة أن تعد العدة الكافية والضرورية له والتنبه لعدم تكرار أخطاء النظام السابق الذي أفسد الحياة العامة وفشل وأفشل آنذاك مؤتمر المانحين الذي عقد في 2006م، وكان علامة فارقة لدى الرأي العام المحلي والخارجي بأن النظام السابق يقود اليمن إلى المجهول والنفق المظلم وتأكد حينها المجتمع الدولي بنفسه بأن اليمن لا يعاني الفقر بقدر ما يعاني سوء وفشل الإدارة العامة للبلد، فلم تصل المنح والمساعدات التي اعتمدت لليمن وأهلها وتخلى المجتمع الدولي عن التزاماته حينما عرف يقيناً إلى أين ستذهب أموال المانحين رغم أن عشرات التقارير لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات الخارجية والمهتمين باليمن كانت في مجملها تشير إلى ما تعانيه اليمن من سوء تخطيط وفشل إداري مريع... ولطالما حذرت تلك التقارير من خطورة استمرار الوضع في اليمن خصوصاً الاقتصادي والذي لازال باعتقادي الآن أكثر خطورة من أي وقت مضى وعلى الحكومة أن تستوعب الدرس والمرحلة الراهنة وتقدم مشاريع مدروسة بعناية فائقة وعليها الاستعانة بفرق خاصة من قبل أخصائيين وأكاديميين كل في مجاله ويتم التعامل بشفافية ووضوح أمام الرأي العام المحلي والدولي، ما لم فإن العواقب وخيمة والكارثة ستكون أفدح وأوجع وأقسى مما يتوقعه أحد، ومن الطبيعي إدراك حقيقة مساعدة المجتمع الدولي لنا، كونه لا يريد أن يستمر الوضع في اليمن للأسوأ ولكي لا يطاله شرر تدهور اليمن وما يمكن أن ينجم عن ذلك التدهور، لذا نحن من ينبغي أن يهتم بقضايا وطنه قبل اهتمام الناس لنا، ومن ثم تعالوا لننظر لمساعدة الآخرين.
فشل مؤتمر المانحين باعتقادي مثل إضافة كبيرة لمسببات اندلاع الثورة الشبابية في اليمن ومثل احتقان كبير لدى شريحة الشباب... خصوصاً الذين عولوا على نجاحه لإيجاد فرص حقيقية للحد من البطالة والفقر. ومع فرصة اقتصادية بالغة الأهمية كهذا المؤتمر لا أتمنى أن يقف اليمانيون في
مؤتمرات قادمة ينتظرون الهبات والمساعدات في منظر يبعث على الشفقة والتقزز في آن واحد، أمنيتي أن يكون أول وآخر مؤتمر للمانحين الذين ينظرون أولا وأخيرا لمصالحهم، لا نريد أن نرتهن للآخرين نريد أن نكون أحرار في كل شي، فلكم يؤلم النفس تلك المشاهد التي رأيناها سابقا في 2006 وفي 2012 حينما ذهب باسندوة ورفاقه إلى دول الخليج وكانت أهداف تلك الزيارات استجداء الآخرين للمساعدات لكن لا نمانع في إجرائها بأوقات الشدة والأزمات الخانقة، وعلى حكومة الوفاق والحكومات القادمة الاعتماد على مقومات الدولة المدنية المعتمدة على الإنسان أولا ومن ثم قانون الضرائب الذي لو تم تطبيقه لما جعل المال دولة بين الأغنياء وزادت الهوة بين الطبقة الغنية والفقيرة، ختاماً أتمنى استشعار أمانة المسئولية رغم ثقتي أنها موجودة ووجودها وحده لا يكفي وعليها المزيد من العمل...، وكذا العمل الجاد والمدروس لإنجاح مؤتمر أصدقاء اليمن القادم، فقلوبنا على الأكف وأعيننا شاخصة حتى ذلك الحين، والحياة مدرسة أستاذها الزمن.. فيا
ترى من المتعلم والمستفيد؟! بأبي وأمي ياعم هادي ويا باسندوه ذاك هو السعيد.
محمود الحمزي
انتظار مؤتمر أصدقاء اليمن 1598