;
د.غالب عبدالكافي القرشي
د.غالب عبدالكافي القرشي

اتضاح أمر القبائل؟! 2151

2012-05-07 16:28:52


أرى البشائر تترى في نواحيها من   بعدِ يأسٍ طغى من فعل طاغيها

من آيات الله عزوجل أن جعل الناس شعوباً وقبائل، ليتمايزوا، فتنسب القبيلة إلى الشعب، وتنسب العشيرة إلى القبيلة، وينسب فخذ القبيلة إلى قبيلة.. ويترتب على ذلك تعارف وتآلف، أو تنافر وتناحر، لكن الله عز وجل قد حصر السبب والعلة في خلق الناس كذلك بالتعارف: "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" الحجراتـ،، لكن الآية لا يفهم منها أن التميز والتعارف لا ينتج عنه إلا التآلف والتعاون والإخاء، فإن الواقع البعيد والقريب يحكي لنا غير ذلك وحاشا القرآن أن يحكي أو يحكم بخلاف الواقع.
وغير صحيح ما قيل أن اليمنيين ينتسبون إلى المخاليف (المناطق) والحجازيين ينتسبون إلى القبائل، ابن كثير عند تفسير آية الحجرات (13) ـ لم يدرك أن المخاليف في اليمن سميت ـ قديماً ـ بأسماء رجال كانوا أساس القبائل، مثل: حاشد – بكيل – همدان – شرعب – بني مطر – شمر – شاكر – خولان.. وهناك من ينتسب إلى منطقته والمهم في الأمر أن الناس جميعاً يرجعون إلى الشعوب والقبائل، يتساوون في النسبة الآدمية، ويتفاضلون بالعلم والأدب والتقوى، ونفع الناس.
وتميزت القبائل اليمنية بأنها إن سادها الفهم والعدل والحرية بادرت إلى احتضان الحق ومناصرته، وحملته إلى الخارج، وإن سادها الجهل، والظلم، والاستبداد، اشتغلت بنفسها وتحاربت، ثم تتسابق وتتنافس على نصرة من جهلها وظلمها واستببها واستبد بها والتاريخ يثبت لنا ذلك، والواقع كذلك.
 وللقبائل اليمنية ميزة أخرى وهي تفريقهم بين الأديان التي تأتي من رب العالمين، والأديان والأفكار الوضعية الأرضية، فما ينسب إلى الله ترحب به وتنصره، وما جاء به الكذابون لا يقر له قرار، ولا يجد له أحداً من الأنصار، فحينما جاء الدين اليهودي إلى اليمن بدعاته تأكدوا أنه دين رباني، فاعتنقه كثيرون، فلما تأكدوا من تحريضه تركوه.. والدين النصراني كذلك حتى كان منهم شهداء الأخدود، فقد تقبلوا الموت ودخلوا المحرقة على يد اليهود تمسكاً بدينهم.. ولما جاء الإسلام أقبلوا عليه أكثر، لأنه جاء بالعلم والحجة الناصعة التي لا يطرأ عليها شك.
لكن لما جاء أبرهة وأصحابه من الحبشة بدين منحرف، لم يقبلوه، وانبرى منهم من سلح على كعتبه (القليس الذي بناه في صنعاء ليصرف الحجاج إليه) وحاربوا الأسود العنسي الذي ادعى النبوة ورفضوا كل ما جاء به وقتلوا الدجال الكذاب.. وهكذا كل دعوة كاذبة خاطئة لم يقبلها اليمنيون، حتى لو جاءت باسم الإسلام، وقد تفرض بالقوة لكن إلى حين.
ولا شك أن اليمنيين شعب مكون من قبائل، هي ذات الدور الأكبر في تاريخ وصناعة التحولات اليمنية وأعظم التحولات التي شهدتها اليمن في تاريخها هي اعتناق الإسلام، حتى تسابقت قبائلها على نصرته، وحمله للآخرين والجهاد فيه، فنالت بذلك شهادة الرسول الأعظم – صلى الله عليه وسلم – (الإيمان يمان والحكمة يمانية) واعتبرها المدد الأول بالرجال، كما اعتبر الشام المدد بالمال، ثم ابتليت بولاة، ودويلات لم تحقق لليمنيين غير الويلات وأحلك الظلمات، تعمدوا نشر الجهل، وتعميقه، ومنع العلم وإغلاقه، أقنعوا اليمنيين بأنهم طبقات خمس، فيها الأدنى والوسط والأعلى! فالطبقات العليا سادة حكام ملاك، والطبقات الدنيا – بحسب مصطلحهم – عبيد، عليهم واجبات نحو الحاكم ودولته، دون حقوق.
استمر ذلك قروناً، وجاءت ثورة وبعدها جمهورية أغرت الناس بأهدافها ووثقوا بقادتها، فتعاونوا في حمايتها، فإذا بأئمة بأزياء مختلفة، وتتابع على رئاسة الدولة، إلى اليوم ستة رؤساء، خمسة منهم تصرفوا تصرف الأئمة السابقين في نظرتهم للقبيلة، حتى أشعروا الناس بأنها السبب الأول في تخلف البلاد والعباد، مع أن كل الرؤساء من القبائل، وإن حملوا ألقاباً إضافية عسكرية أو مدنية، فالأول واجهها والثاني عبس في وجهها، والثالث أبعدها والرابع نوى لو استوى والخامس أخرج منها أسافلها فجعلهم المقدمين على من حقهم التقديم لتاريخهم وأثرهم ومكانتهم، والسادس ما أظنه إلا قد اعتبر وفهم الخبر، سيأتي بالجديد النافع، معتبراً الناس سواسية ومدركاً أن الناس قد فهموا فثاروا، والقبيلة في المقدمة..
أين البشرى من القبيلة؟
نعم لك الحق أن تتساءل، ومن حقك الحصول على الإجابة، متحرياً الإصابة.. قلت أثناء ما مضى من الكلام إن كل الحكام الماضيين قد تجنوا على القبيلة، فحرصوا على تجهيلها وتفريقها وتمزيقها وإفقارها وإلجاء أبنائها إما إلى الانخراط في خدمة الحاكم أو الهجرة، فكان لهم ما أرادوا، فظهرت القبيلة بمظهر التابع الذليل، المتخلف، وانطبقت الصورة في الأذهان حتى في ذهن ابن القبيلة أنها كذلك وأنها قد جبلت على السير في الطريق الذي يريده الحاكم ولو أضر بها ذلك وتعرضت للمهالك.. وقد مرت فترة ما يقارب الخمسين عاماً، انطلقت فيها القبائل بعد الثائرين منها ضد الظلم والاستبداد، وانطلق أبناؤها في التعليم في كل التخصصات، وخرج منها أساتذة الجامعات، والمهندسون والأطباء والطيارون، لكنها ظلت تجامل الحكام وتصبر على أذاهم وما صنعوا، ولكنها في مقابل ذلك تغلي حتى أتيحت لها الفرصة في تفجير الشباب ثورتهم، فأقبلت القبائل مؤيدة، وقد رمت خلافاتها، وثأراتها خلف جدران الخلافات، فأيدت وصبرت، وضحت، ولقنت الظلمة والمتعصبين لجاهليتهم دروساً عظيمة، وهذه هي البشرى التي أضيفت إلى بشائر كثيرة.. وإلى بشرى أخرى..
//////////////////////////

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد