كانت الفكرة التي تدور في مخيلتي هي الانفلات الأمني الذي صارت تشهده محافظة إب على عكس غيرها من بقية المحافظات المجاورة ، ففي الوقت الذي كانت فيه البلاد تشهد الكثير من الاضطرابات خلال العام الماضي 2011م , ظلت محافظة إب تشهد هدوءاً نسبياً واستقراراً أمنياً إلا ما ندر، كما حصل في جمعة الحسم أو في مسيرة الورود وغيرها وهي تكاد لا تذكر طبعاً بالمقارنة بما حصل في جارتها الحالمة تعز , ومع إجراء الانتخابات الرئاسية وكذا تشكيل حكومة الوفاق والبدء في تنفيذ المبادرة الخليجية وإزالة المظاهر المسلحة في قلب أمانة العاصمة [فوهة البركان] وتنفيذ خطة أمنية في تعز وغيرها من المحافظات , تظهر محافظة اللواء الأخضر على عكس ما يتم , حتى تنتشر المظاهر المسلحة في مدن المحافظة وكذا التقاطعات على الخطوط الرئيسية والفرعية وعمليات السرقة والنهب وكذا المواجهات المسلحة بشكل شبه يومي، الأمر الذي زرع الخوف في قلوب المواطنين , خاصة عندما تصل المواجهات المسلحة إلى أسواق وحارات المدن ويكونون الضحايا ممن لا علاقة لهم كالمارة وأصحاب المحلات التجارية والنساء والأطفال، فما يحدث اليوم في محافظة إب مختلف تماماً عما حدث ويجري في بقية محافظات الجمهورية. ولعل الزائر لحي ابلان أسفل جبل ربي يوم الجمعة الماضي يدرك ما نطرحه، حيث يظن الزائر أنه في جعار أبين حيث القاعدة أو في دماج صعدة وكشر حجة حيث الحوثيين وحيث أصوات القنابل وازير الرصاص بمختلف أنواع الأسلحة وتستمر المواجهات في شوارع الحي أوساط المنازل وسكانها من أبرياء وأطفال ونساء وكبار السن , وعند السؤال حول أسباب ذلك يأتي الرد بأنه خلاف بين اثنين من مشائخ حي ابلان !! وعند السؤال عن المصابين نجد معظمهم من سكان الحي ولا علاقة لهم بذلك الخلاف وليسوا ممن شاركوا في تلك المواجهات المسلحة ,وهكذا تكون حصيلة المواجهات داخل المدن والأحياء سواء في محافظة إب أو غيرها من محافظات الجمهورية.
وأنا هنا لا ألوم القاضي/ احمد عبد الله الحجري - محافظ المحافظة والغائب عنها منذ ما يزيد عن شهر ولا نزال بانتظار عودته , كما إنني لا ألوم العميد/ أمين علي الورافي - نائب المحافظة والمسئول الأول في حال غياب المحافظ، لأنه لا يمتلك الخبرة في الشؤون الأمنية بقدر خبرته في إرساء المناقصات والمشاريع وأسرار المزايدات واعتماد التعويضات وغيرها مثل تحصيل الإيرادات الخاصة برسوم النظافة وتأجير الأسواق والأرصفة والجزر الوسطية والمنتزهات وغيرها , ولا يمكنني لوم قيادات فروع أحزاب المشترك، لأنهم بالقدر الذي يمكن أن يحركوا المظاهرات والمسيرات ويشعلوا الاحتجاجات فإنهم في نفس الوقت قد يتناسوا جميع الفعاليات والشعارات بمجرد الحصول على بعض الوزارات , ولن أوجه اللوم على جمال بن عمر، لأنه قد بذل الكثير رغم أنه موظف في مجلس الأمن وليس في رئاسة الجمهورية اليمنية , ولن ألوم من صاغ المبادرة الخليجية ويرعيها اليوم ويشرف على تأمين حدوده من القاعدة والإرهاب والطامعين والمتسللين، إنني مثلما كنت أحمل الرئيس السابق ومسئوليه ما وصل إليه الوضع في البلاد وعن تلك الدماء التي سفكت بدون حق خلال فترة حكمه, فإنني اليوم أحمل الرئيس التوافقي المنتخب من قبل الملايين من أبناء الشعب ومعه رئيس الحكومة ووزيري الدفاع والداخلية مسئولية تلك الدماء البريئة التي تسفك بشكل يومي في كل شبر من أرض اليمن دون ذنب سوى أنهم يمنيون، فتسويف وزير الدفاع ومبررات وزير الداخلية وأغاني الأضرعي الحماسية وتصريحات الجندي الملفقة والخيالية ودموع باسندوه رئيس الحكومة، لن تعيد أرواح الأبرياء التي أزهقت في مختلف المدن على إثر خلاف المشائخ المتنفذين والبلاطجة المعتوهين وقطاع الطرق والإرهابيين وغيرهم, ومهما اختلطت الأوراق ومات الضمير فإن تلك الدماء ستظل تلاحقهم إلى يوم القيامة، كونكم المسئول الأول عما يجري وإصلاح الأمن من صلب مهامكم ما دمتم قد رضيتم لأنفسكم بذلك..
عبدالوارث ألنجري
عندما تختلط الأوراق.. ويموت الضمير!! 1887