لم أجد اسماً يليق بك أيها القائد الراحل ، يا من كُنت حامي بوابة العرب الشرقية ، فلم أجد غير اسم ابا الليثين ، فقد وصفك البعض بالطاغية ، فلربما أنهم لم يعرفوا قدرك ، فهاهي روحك تطارد قلمي وقلمي يطارد كلماتي وكلماتي تطارد ألمي لتتطاير شهاباً ثاقباً لتحلق في فضاء روحك التي ترفرف في محبرتي وقلمي ونبضي ودفاتري وذكرياتي وهي تتذكر هيبة ومهابة مهيب هابه الزعماء قبل المزعومين والقادة قبل المنقادين والأعداء قبل الأصدقاء.
فتخرج الكلمات مسترجلة متوهجة وتنفلت غصباً عني ولكنها مبللة بدموع الحبر الذي لم يجف وبحبر الدم العربي النازف من المحيط إلى الخليج لتستذكر فارساً عربياً ترجل عن صهوة جواده غدراً وقهراً في عيد الأضحى، فكانت قصة أرجوحة الفخار ولعبة الأبطال ومشانق الكبار التي صدمت العالم ببطولة وابتسامة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، لتخرج كلمة أبا الليثين مخاطباً جلاديه وهم يرتجفون من قيده الذي أدماهم وأدمانا لخيط دم لا زال يسيل ( هذه المرجلة).
ولم يعلم كل الفئران وكل الحاقدين وشذاذ الأفاق أن (المرجلة ) هي عندك وحدك فقط .
ولم يعلم كل الأنذال والمرتزقة وعبدت الدولار وسماسرة المال الحرام ولاعقو أحذية (علوج) الأمريكان وناهبو نفط العراق الحرام أنها عندك فقط .
ولم يعلم كل الصغار وخفافيش الظلام والقطط السمان ممن ينتسبون إلى أمتي قهراً وعاراً وظلماً ومقبلو أيدي (الفرس والتتار) أنها عندك فقط .
ولم يعلم أعراب الرمال المتحركة والصحراء القاحلة والدول الكرتونية والنفط الذي به يومياً نقتل ونغتال أنهم اغمدوا سيفاً كان مسلول لأوغاد الفرس وللخنازير اليهود و (لعلوج )الغرب ولمنافقي العرب .
ابا الليثين.. بعدك انعدمت الرجال وتسيد العراق أشباه الرجال وما زالت الماجدات في عصرك يترحمن عليك بعد أن باعهن قاتلوك في سوق نخاسة العبيد بدولار ونصف دولار ... وللفرس وعبدت الشيطان فقد وهبهن بالمجان وقد صرخن وامعتصماه واصداماه وقد نسين من خوفهن أن لا معتصم يرجى ولا صدام هنا ...
ابا الليثين .. ما زالت بغداد يكسوها السواد ويلفها الحداد وشوارعها كئيبة وأحياؤها حزينة،
فلا عاد المنصور جالساً في وسطها بهيبته ووقاره يرتل القرآن وينتظر الجزية .
ولا عاد الرشيد يناظر تلك الغيمة ليقول لها "أمطري أنى شئتي" فخراجها لم يعد للعراق بعدك، فصدام ليس هنا..
ولم يأت احد بكتاب" لديوان أمير المؤمنين ليوزن ذهبا، فقد ذهبت وذهب الميزان ولا كيل لأحد اليوم، لأن السوار ومعه الصاع أخذه( بوش) و( بريمر) .
أما دجلة والفرات فقد جفت بعدك، لأن مياهها لوثها (العلوج) ومن حزنها أسنت وأبو النواس لم يعد يهيم بجمال تلك البغدادية ولم تعد الحياة تطيب له بعد رحيلك واللسان لم تعد عربية، فالكل أصبح يمشي حافي القدمين .
أما بغداد فقد شاخت وهرمت وأصبحت مرتعاً لكل البغاة والطغاة واللصوص وقطاع الطرق ولم تعد وجهتها عربية، مما حذى بسبويه بعد أن رأى لحن الألسن أن يحمل دواة حبره وأحرفه العربية ويرحل يفتش عنك في كل الكرة الأرضية .
ابا الليثين .... بعدك طارت شوارب كثيرة، حيث لم يعد للشارب العربي قيمة، وبعدك طارت كراسي كثيرة فرح الناس لطيرانها وبعدك ذبحت الأمة من الوريد إلى الوريد، فلم يعد للغة العربية أي معنى ولم نسمع بأحد بعدك يقول ( عاشت فلسطين حرة عربية ) أو نادى على القدس وهي التي تسأل من يكمل الأربعين ( الصدامية) .
ابا الليثين بعدك العراق الكبير قزم يداس بأرجل المجوس صباح مساء، حيث فرسك المربوط لا زال لم يسرج بعد وسيفك المسلول كسر عند قبر سيف الله المسلول بيد العلوي حليف الصفوية ولا زالت تلك الشامية تحمل نفس الورد التي ذبلت وتنتظر قدومك .
فبعد العراقيات الماجدات التي تنوح صباح مساء...!!! ناحت وسألت نساء غزه عنك ولم يجب أحد..!!!.
وتصرخ الآن نساء وحرائر سوريا وينحن عشية وضحاها ولم يجب أحد، فقد ذهبت رجولة العرب معك حيث لم يترجل أحد فرسك ولم يتعلم أحد منك ركوب المغيرات .
ابا الليثين....... روحك ترفرف على رؤوس الأحرار وتظلل الثوار وذكراك تعطر المكان والزمان رغم أنوف (العلوج والأمريكان) ورغم أنوف سماسرة الدولار ورغم أنوف حفنة الأشرار .
فلمثلك يسيل الحبر منهمراً وتتطاير الكلمات كإشعاع منكسر وهي لم تصعد لحد بطولتك التي سطرها التاريخ بالغار والفخار رغم فبركة الإعلام.
فقد فزت وهم خسروا، فمن ضحى بنفسه وملكه وأولاده يستحق كل الكلام، لأن الشواهد واضحة..
ابا الليثين قصر القلم ولم يعد يقوى إلا أن يردد كما كنت تقول: (وليخسأ الخاسئون) وعاشت فلسطين حرة عربية وعاشت أمتي العربية طال الزمان أو قصر .
لا بَأسَ في فارِسٍ أَوْدَى عَلى شَرَفٍ == وَحَوْلَ نَعْلَيْهِ مَوْجُ الغدر يَلْتَطِمُ
إنَّ العُروبَةَ أُمٌّ أَنْجَبَتْ وَقَضَتْ == وَأَنْتَ آخِرُ مَنْ بَرُّوا بِها وَسَمُوا
آتى بك الشوق من آفاق أمنية == تمشى على الأرض إلا أنها حلم
أتَيـت قوما بِغالُ الناس تحكمهم == والبغْلُ حتمٌ عليهِ الذُلّ والعُقُمُ
رائد محمد سيف
شهيد الأضحى ... أبو الليثين 2431