تأمل وجهه في المرأة ملياً ثم هوى بيده عليها وحطمها, وخرج هائما في الطرقات يحدث نفسه:
لقد سئمت هذا القناع الذي أرتدي منذ سنوات.. وسئمت جميع الأقنعة.. سئمت العيش كالحرباء, أتلون كل يوم بلون مختلف لأرضيكم أنتم يا من تعشقون لبس الأقنعة!.
متى سيكون من حقي العيش كما أنا؟ أن أكون أنا كما أعرف نفسي؟ لماذا عليّ التلون لأنال استحسانكم؟ لم أعد أرغب بذلك.. لم أعد مهتماً برضاكم عني , لقد سئمت هذه الحفلة التنكرية التي تحيونها طوال الدهر.. جميعكم تتقنون لبس الأقنعة المخادعة..مددتم يدكم نحوي بالعديد منها، هتفتم حولي طويلاً: لست مهذباً.. أنت فظيع!! ما هذه الصراحة البغيضة التي تصدر منك؟! لماذا تخرج علينا بوجهك عاريا عن الأقنعة؟! يا لك من أحمق , غبي , متهور!!.
أنت تعيش في عالم الخيالات , تعلم مهارات أكثر تجعلك متقناً للبس الأقنعة.. ولبست بعضها.. ولم أعجبكم..عدتم لتصرخوا في وجهي مجدداً: ما بالك يا هذا؟! لماذا لا تتماسك الأقنعة على وجهك؟! ما بالك تبدو أبلهاً تلبسها حيناً وتتركها طويلاً؟ ألا تعرف الكياسة واللباقة و؟...وجاءني البعض واعظاً: مسكين أنت كيف ستحيى بين الناس ببساطتك هذه؟ واليوم اتخذت قراري..
سأعتزلكم وأبقى كما أنا.. لن أطلب حبكم المشروط بعد اليوم.. سأترك بهرجة وضجيج احتفالاتكم التنكرية..سأمضي بصمت بعيداً عن عالمكم..لقد عرفت الكثير عنكم.. لا يمكنكم نزع الأقنعة.. لأنكم تخفون ورائها وجوهاً بأنياب الذئاب, وتلك الأكف المخملية تخفي تحتها مخالب الطيور الجارحة.
رأيتها مراراً تبرز من تحت الأكف الناعمة وتخمش الظهور العارية.. لقد عرفت لماذا الجميع مصر على لبس الأقنعة , لأنهم يستمرئون اللعبة. يصدقون الكذبة الكبرى بأنهم مازالوا آدميين ولم يستحيلوا لأمساخ بشرية..رأيتكم عندما يعطي أحدكم ظهره للآخر يغرز أنيابه في عنقه , يكشف عن وجهه الدراكولي ويمتص دمائه ثم يعود سريعاً للبس القناع كيلا نرى آثار الدماء على وجهه ومزع اللحم بن أنيابه , هناك من يتخذ قناع النساك وآخر يفضل قناع الواعظ المصلح وثالث يعجبه قناع الزاهد ورابع لا يبالي بأي قناع يظهر وهناك من يرتدي قناع المربي..
ولكنها أقنعة باهتة.. قد تخفي الحقيقة لزمن , ولكن ليس للأبد..
لا أريد دفع ثمن أقنعتكم الباهظ.. لا أريد حبكم المشروط الكاذب , سأبقى بعيداً عن عالم الزيف المقيت..سموني بما تشاءون.. لكني سأمضي مرتاح الضمير في طريقي.. أسير وحيداً.. رغم مشقة الرحلة..سأبقى غريباً, وسأمضي بعيداً عن حفلتكم التنكرية!!.
نبيلة الوليدي
حفلة تنكرية!! .... 2217