الصحة في بلادنا في وضع سيء يعرفه الجميع واعتقد أنه لا يوجد شخص في طول البلاد وعرضها يمكن أن يقول غير ذلك، حتى وزير الصحة نفسه وهذا ما جعل المواطنين الغلابى يذهبون إلى البحث عن وسائل أخرى، لذلك كثر المشعوذون والدجالون وصار لهم مراكز إعلامية وإعلانات في الصحف، لدرجة أن بعضاً منهم صار يدعي انه يستطيع شفاء الأمراض المستعصية التي لم يستطع إيجاد حل لها أطباء الشرق والغرب.
هذا الوضع جعل الكثير من الناس يصاب بالإحباط واليأس والقنوط ويعتقد أنه لا يمكن إصلاحه أو حتى تحسينه, لكن أنا أعتقد أنه يمكن إصلاحه بسهولة.. وهذا ليس مجرد تفاؤل وحسن ظن بل حقيقة.
والأمر لا يحتاج إلى طول تفكير، المطلوب شيء واحد فقط، هو صدور قرار جمهوري (بس قرار) يمنع منعاً باتاً المسئولين في الدولة والوزراء وقادة الجيش وأعضاء مجلسي النواب والشورى والمحافظين ومدراء العموم وأقاربهم من السفر للعلاج في الخارج وإلزامهم بأن يتعالجوا في مستشفيات وزارة الصحة وأي مسئول من هؤلاء يخالف هذا القرار يحال إلى المحاكمة.. أنا على يقين أنه في حال تطبيق هذا القرار فإن الوضع الصحي في بلادنا سوف تتغير حالته خلال فترة وجيزة جداً وسيصبح على مستوى أفضل من أمريكا وألمانيا، لأن المسئولين سيشعرون بالخطر المحدق بهم ويخافون على أنفسهم وأولادهم وأقاربهم، لذلك سوف يبذلون جهوداً جبارة من أجل إصلاح حال المستشفيات،وتوفير أفضل الكوادر الصحية وسوف تتحول الموازنة السنوية التي تعطى لوزارة الدفاع إلى وزارة الصحة وقادة الجيش والقوات المسلحة سوف يكونون أول من يدعم هذا القرار وسيعملون بكل جهد من أجل تنفيذه.. الأموال التي تذهب لشراء الأسلحة سوف تتحول إلى دعم المستشفيات والمراكز الصحية، فالمرض هو العدو الحقيقي الذي يجب محاربته أولاً.
وأعضاء مجلس النواب كل يوم سوف يجرون وزيراً إلى المجلس لتوجيه الأسئلة له والانتقادات (المسكين الله يكون بعونه) مش كذا بس، بل إن مجلس الوزراء في كل اجتماع سوف يجعل في مقدمة جدول أعماله مناقشة الوضع الصحي وتوجيه انتقادات لوزير الصحة ومطالبته بتقديم استقالته أو تحمل المسئولية.
الإعلام بكل وسائله الإعلامية المختلفة سوف يجعل أمر الصحة في مقدمة أولوياته وسوف يخصص مساحات واسعة للحديث عن الأمراض والأوبئة التي تهدد المجتمع وضرورة الوقاية منها والعمل الجاد من أجل محاربتها، وتوجيه الانتقادات للمسئولين عن الوضع الصحي على تقصيرهم في ذلك.. وزير الإعلام ( مع احترامي الشديد لوزير الإعلام الحالي الذي أنا متأكد أنه لن يزعل مني ) كل يوم سيصدر توجيهاته الصارمة إلى المسئولين على وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بعدم التهاون مع الأخطاء والتجاوزات التي تحدث في المستشفيات والمرافق الصحية، أهم شيء الصحة ثم الصحة، الخبر الأول في نشرة أخبار التاسعة سوف يكون خبراً صحيا، إما عن افتتاح مستشفى جديد أو إعادة ترميم مستشفى آخر أو تخرج دفعة جديدة من الأطباء والممرضين بعد أن تم تأهيلهم بشكل جيد.
أكيد عشتم معي حلماً جميلاً واسترسلتم بخيالكم إلى مدى لا يمكن تحقيقه إلا في المدينة الفاضلة، لكن هذا هو الحال الأمثل إذا كنا جادين في إصلاح وضع الصحة وإنقاذ حياة الناس الذين يموتون في مستشفيات، لأنهم لا يجدون الدواء والاهتمام المناسب.. بالله عليكم ماذا تتوقعون من وزير إذا أصيب بمجرد زكام عادي أو أحد أقاربه فإنه يسافر ليعالج في أكبر مستشفيات العالم، هل سوف يفكر في أمر الصحة وما يعانيه المواطن ؟.
تذكروا عندما وقع التفجير في دار الرئاسة ماذا حدث؟..«كاد رئيس الدولة السابق » ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة ونوابه.. يفارقون الحياة ويرحلون.. لولا أنه تم نقلهم إلى الخارج للعلاج..لأن البلاد بطولها وعرضها ليس فيها مركز متخصص لعلاج الحروق.. بالله عليكم هذا مش فضيحة تخلي الواحد يستحي ويخجل.. كم يا أموال صرفت في الاحتفالات المباركة وكم يا أموال صرفت في شراء أسلحة في النهاية دكت بها أرحب وتعز وأبين.. كم يا أموال في أمور تافهة لا تقدم ولا تؤخر، لو كان مبلغاً بسيطاً خصص لبناء مركز لمعالجة الحروق كان الرئيس السابق والمصابون الآخرون تعالجوا في وطنهم ورأسهم مرفوع.. لنترك الماضي، نحن الآن في وضع جديد ويمن جديد، فنتمنى أننا كلنا نتعالح في مستشفيات الدولة من الرئيس حتى أصغر مواطن، لا داعي للسفر للخارج..
وأعتقد إن الشعب الآن قده واعي بعد ما اخرج إلى الشارع وأعلن ثورة شعبية وصل صداها إلى كل بقاع العالم.. بعد اليوم من العيب على الوزير أو المسئول أن يسافر يتعالج في الخارج، أبناء شعبه الذي هو مسئول عليهم أمام الله لا يجدون حتى حبة البرمول داخل مستشفيات الدولة...
تيسير السامعى
هكذا يمكن إصلاح الصحة! 1755