أن تنخر الثورة من داخلها, فهنا تكمن المصيبة.. فالسنبلة تخزن في الأقبية لسنوات شريطة أن لا تؤكل من داخلها!! هناك تيارات صغيرة أجندتها غير معروفة تعمل جنباً إلى جنب مع الثوار لكن الغايات تختلف تماماً.. يجارون متطلبات الثورة المتسارعة لكنهم ينخرونها من الداخل ويفتون من عضدها!.
لم يرتكن النظام السابق على القوة التدميرية للجيش العائلي بالقدر الذي راهن فيه كثيراً على خلخلة الصفوف داخل الثوار وخلخلة صفوفهم وبث الفرقة بينهم, لكسب الوقت والمساومة والاستفادة بأكبر قدر من التسوية السياسية ع المعارضة التقليدية.
في ساحة الجامعة في العاصمة صنعاء مثلت جماعة (الحوثي) أو شباب الصمود كما يسمون أنفسهم, مثلوا المحك الذي كان يلعب النظام السابق على أوتاره بقصد أو بغير قصد! فهناك اختلاف واضح في الأهداف بين هذه الجماعة والثوار كافة, فالأولى تميل للحسم العسكري والفوضى لتمرير أجندات ربما كإعلان إمارة في الشمال كإمارة القاعدة في الجنوب والذي بدا واضحاً في الهجوم العنيف المتزامن الذي نفذه أنصار هذه الجماعة على كشر وعاهم ودماج وبعض المناطق من حجة.. أما الثوار كافة فيريدون ثورة سلمية ناجزه تخرج البلاد من عنق الزجاجة بأقل التكاليف سواءً البشرية أو المادية في بلد لا يقوى على المزيد من الدمار..بطريقة أو بأخرى استطاعة أجهزة الأمن القومي التابعة للنظام السابق تغذية مثل هذه الخلافات وغيرها لخلخلة الصفوف وتمرير أجندات النظام السابق!.
في تعز (روح الثورة) استطاعات جماعة الحوثي بتمويل إيراني (سخي) تجنيد بعض من يدعون (الليبرالية) من أعضاء الحزب الاشتراكي.. لا أدري كيف تم هذا التحالف بين تيار يميني (متطرف) وتيار يدعي أنه ليبرالي ربما إنه زمن العجائب, فالمال يقرب البعيد ويصنع المعجزات!.
في بداية الأمر, كنت أحيي صمودهم الثوري وعدم انجرارهم خلف الساسة والأحزاب خصوصاً عند رفضهم للمبادرة الخليجية التي كنا نراها مجحفة في حق الثورة غير آبهين بالتركيبة النادرة لبلادنا، مع وجود قبائل (هوجاء) وجيش عائلي أُعد لهذا اليوم.. لكن مع مرور الزمن وتتابع شطحات هؤلاء الليبراليين الجدد في القدح في مكونات الساحة أكثر بكثير من قدحهم في من يقتلنا ليل نهار! كانت تعز تحترق وهم يلعنون المسلحين الذين جاءوا من تلقاء أنفسهم للحفاظ على كرامة تعز التي يراد تركيعها كونها روح الثورة وقلبها النابض, عندما أقيل قيران وجيء بأحد رجال الساحات بدلاً عنه وجدتهم يصرحون تصريحات هوجاء بترحيله وما إلى ذلك , إلى الآن لم أستطع (هضم) لماذا يخافون من السعيدي؟!.
في صحفهم الممولة إيرانياً يتحدثون عن ساحات مغتصبة يريدون تحريرها وثورة منهوبة يريدون استرجاعها( ليس طبعاً من النظام السابق) بل من (الأحزاب).. عن أي سرقة يتحدثون والنظام السابق يمسك بكل مفاصل الجيش ويحرك القاعدة في الجنوب (عن بُعد)؟ عن أي سرقة يتحدثون ومحمد صالح الأحمر إلى الآن يقطع الطرقات والمنفذ الوحيد على العالم (المطار) لمجرد أنه أُقيل من منصبه؟.. عن أي سرقة يتحدثون والحكومة لا تستطيع أداء وظيفتها بالشكل المطلوب ومجلس نواب (الراعي) يحرك من داخل (سنحان)؟.. ألا يخجل هؤلاء من هكذا ( هرطقات) التي لا تخدم الثورة بالقدر الذي تنهش في جسدها الهزيل؟!.
الثورة ماضية في طريقها, ينبغي علينا التعاون مع الرئيس الذي بدا جاداً في إخراج اليمن من عنق الزجاجة ومن أجل وضع لبنات اليمن الجديد بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة وبعيداً عن المشاريع الطائفية التدميرية القميئة والتدخلات الخارجية البغيضة.. فالكل سينعم بالأمن والرخاء في ظل الثورة الناجزة والدولة المدنية التي سيسودها لقانون على الجميع من دون استثناء!.
متولي محمود
الليبراليون الجدد.! 1957