كتبنا في مقال سابق حول رفض الأوامر والقرارات والتعيينات وقلنا أن زمن تدليل القادة العسكريين ولى ولا يمكن أن يستمر أو يعود، وقلنا أنه لم يعد مقبولاً التطاول على أي قرار أو رفضه، كون القرارات لا تكون خاضعة للمزاج والرغبة والتخيير، فإن شاء المعني بالقرار نفذها وإن لم يشأ فإنه ليس من الممكن التنفيذ أو القسر أو الإجبار أو الإكراه..
كان هذا زمن الأسرة الحاكمة لأن الأخ أو القريب للرئيس حتى وإن كان قائد سرية أو كتيبة لا ينفذ أوامر وزير الدفاع أو رئيس هيئة الأركان، لأنه يعتبر نفسه أعلى من هؤلاء ويعتبر نفسه فوق القانون بحكم القرابة أو الصلة بالرئيس.. وذلك ما أدى إلى الثورة الشعبية الرافضة لهذا الوضع الذي أخل بكل شيء وجعل هؤلاء الناس يرون أنهم فوق الدستور والقانون ولا يحاسبون ولا يعاتبون ولا حتى يلامون.
وعندما تدفق الناس بالملايين للتصويت لرئيس الجمهورية وانتخابه لم يكن تصويتاً فقط، وإنما كان انتخاباً واستفتاء وصرخة رافضة لهذا الوضع الفاسد ودعوة صريحة للتغيير وإخراج الوطن من هذا الكابوس الذي رزح على صدره فوق الثلاثين عاماً، كمواطن أحس بالعيب والعار وأتمنى أنني لم أكن يمنياً على الأقل لحظة تسليم قائد القوات الجوية لخلفه والتي لم تتم إلا بحضور المبعوث الأممي جمال بن عمر، بعد رفض الأول وتمرده وإغلاق المطار وبعد التهديد والوعيد برفع الموضوع إلى مجلس الأمن.. أما يكفي الوطن بهذلة يا من بهذلتموه؟ أما كان الأجدر تنفيذ الأمر والترحيب به حتى تظهروا أو تعكسوا الصورة التي رسمت في العقل والمخيلة اليمنية، أنكم ترون أنفسكم فوق الناس وفوق القانون وفوق القرارات على الأقل حتى تحظون بقليل من الاحترام.. أم أن الطبع غلب التطبع؟ ربما يكفي هذا الدرس الآخرين الذين لابد أن تشملهم القرارات وربما يدركون أن الزمن تغير وأن تغييرهم قادم لا ريب فيه.
أما إذا كان كل قرار يحتاج لحضور جمال بن عمر، فإنها المصيبة والمذلة والمهانة التي ما بعدها مهانة وهم بذلك يعلنون أنه لا ينفع معهم ولا يجدي إلا الصميل كمايقال.. يا فنادم ويا إخوان لا نريد أن ينطبق عليكم المثل القائل "الذي لا يشربه مظفر يشربه......."، وأنتم تعرفون بقية المثل، ينبغي أن يتقبل الناس الوضع بأريحية ويعلمون أنه دوام الحال من المحال وأن القرارات عندما تصدر عن رئاسة الجمهورية، فإنها لا تصدر للعبث والجدال والتمرد وإنما تصدر للتنفيذ والتطبيق والعمل بها ومن الأفضل أن يتعامل الناس معها باحترام واهتمام وجدية وسرعة تنفيذ، حتى لا يتكرر السيناريو المعيب لقائد القوات الجوية، الذي لم يجد مفراً أخيراً من التسليم والإذعان والالتزام بالقرار، لا تصدقوا كذب الكذابين الذين عينتموهم للكذب على الناس، فإنهم لن يصدقوكم القول أو يدلوكم على الرشد لأنهم وجدوا للكذب والكذب حياتهم (ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) صدق المصطفى عليه الصلاة والسلام.
علي الربيعي
ذهب زمن رفض القرارات إلى غير رجعة 1545