نال اليمن أخيراً مبتغاه في تولي مقاليد حكمه للرجل الذي اختاره الشعب، بعيداً عن التكتل والبناء العائلي والحزبي والذي خوفنا منه فيما مضى حُجم وجعل خلف الظل وهو القائد العسكري المحنك والأكاديمي الفذ المتعلم في أرقى الجامعات، زد على ذلك السياسي المخضرم, وهاهي الأمور تعود إلى نصابها ويأبى الحكم العدل إلا أن يأخذ الكل جزائه فمن ظل لأمي (قاد الدولة عبر نزواته وشهواته لا يفرق بين كلمتي تريثوا وتروثوا)، إلى رئيس للشعب عبر اختيار حر نزيه دون تزوير لإرادة الناخبين أو شراء أصواتهم وقد استطاع حتى اللحظة التعامل مع طغمة الفساد والجريمة المنظمة من خلال الاستفادة من قربه من الرئيس السابق وزمرته والاطلاع على كيفية تفكيره وتعامله وأساليبه، كما اطلع على نقاط ضعفه وقوته كما أفاده قربه من الجيش وقادته, ويتعامل حالياً مع الأسرة المتشبثة بالحكم عبر تكتيك النفس الطويل وقصقصة الأجنحة وسياسة العصا والجزرة وإعادة لتوزيع قطع الشطرنج مع رمي طعوم لبقية أفراد العصابة وكانت أولى اللطمات الوطنية للرئيس/ عبدربه منصور في تغيير مهدي مقولة كجس نبض لردة فعل الزعيم الكبير إلى جانب الحفاظ على الأطراف البعيدة المهددة بالانفصال (أشبهه بالجسم البشري الحي الذي يرى بقاءه في بقاء كل الأطراف وكافة الأعضاء ولا يستطيع التخلي عن أي جزء، بعكس الجسم الذي يتهدده الموت، فيتخلى عن كافة الأطراف ليأتي الدور بعد ذلك على الأعضاء الداخلية كالمعدة والكبد والرئة وفي الأخير يبقى متشبثاً بالحياة لأكبر فترة من الوقت عبر المخ والقلب قبل أن يزحف عليه الموت)، فلما رأى أن سيدهم لا يعنيه أمر مقوله ولا غيره فهو في الأخير، ليس سوى ورقة من أورق عدة يلعب بها ولن يأسف عليه أذا خرج من اللعبة فلا يهمه سوى أركان النظام الأسري, وهكذا بدأ الرئيس عبدربه منصور في نقل قطع الشطرنج وتوزيعها من جديد ولو إلى حين قبل استبدال التالف وغير الصالح منها.
ونستطيع استقراء الخطوات التكتيكية القادمة لرئيس الجمهورية عبر قراءة التعيينات الجديدة التي تقول ببساطة إنه لن يقترب من نجل صالح، إلا في المرحلة النهائية والأخيرة باعتبارهم نهاية الطابور ويسبقهم في بداية طابور النقل والتوزيع والزحزحة آخرون يتوزعون على وزارة الدفاع والداخلية والأمن القومي وبحكمة القريبين من القلب والعين لركائز النظام البائد لن نعترضهم حالياً، بل نتركهم ولو إلى حين.
أصبح رئيس من أجل اليمن لا يمن من أجل الرئيس حدثاً على أرض الواقع بعيداً عن الشعارات الرنانة والمفردات الجوفاء من الرقي والازدهار والتقدم والتنمية المسميات للنظام البائد من الماضي البغيض, ولأجلها تغرد بها الزعيم الكبير مع حزبه ما يزيد على ثلاثة عقود كما يدعي لغرض بناء الوطن بشقيه الأرض والإنسان كما كانوا يرددون, ولقد اختار الزعيم الكبير وزرائه ونواب حزبه ومدرائه ممن لهم مزايا ومواصفات غير الآخرين ودون الكل منها على سبيل المثال لا الوصف: أن يكون- مقص- مشرط- موس- يسرق الكحل من العين.. قابلاً للطرق والسحب.. مكسور العزة هين النفس, وأن يكون مكروهاً محتقراً بغيض الروح والرائحة.. وتحكى نكتة عنه وعن شلة أنسه مفادها أنه بعث مجموعة من الوطنيين الغيورين والنابهين أصحاب الفطنة والذكاء إلى الولايات الأمريكية لمعرفة آلية عمل السيفون ومن ثم تعميمه على أرجاء الوطن وهو تعاون ثنائي وثيق بين البلدين الصديقين لغرض مكافحة الإرهاب عبر شتى مناحي الحياة وعلى كافة الأصعدة سياسة. اقتصاد . تعليم ... فلما رجع الوفد قال أفصحهم لساناً وأذكاهم: السيفون هذا حاجة ثانية!!! اختراع قمة!!! لما تدوس على السيفون يا تلحق تشرب يا متلحقش.. هؤلاء هم الفطاحلة حكموا البلد ويشتوا يحكمها ولد الولد ليصبح علي الأول وأحمد الأول، ثم يأتي علي الثاني وعلي الثالث ومن نفس الأسرة التنفاشية.. أنشأ لنا عشرات الوزارات لا تجد من بينها وزارة ناجحة ابتداء بوزارة الظلم ولسان حالها يقول لا تبكي إذا ضاع العدل وانهدرت الحقوق ولكن ابكي إذا جالك إسهال وسط السوق.. ومروراً بوزارة المرض لسان حالها يقول: الداخل مفقود والخارج فر بجلده وهذا مستبعد مولود, ثم وزارة الأمية والجهل لسان حالها يقول: الجهل نور والعلم ظلام, فوزارة طفي لصي, ووزارة الخوف وقس على نفس النمط بقية الوزارات.
ولا ننسى أن نهنئ ونبارك لأحرار حزب المؤتمر الشعبي العام قيادة وكوادر بمناسبة عتقهم وتحررهم من قبضة الأسرة والفرد الواحد، فبرغم المغريات والمفاسد من قبل الزعيم وأسرته، إلا أنهم استطاعوا أن يحافظوا على مبادئهم ومُثلهم، نمد أيدينا نحوهم لنبني اليمن الجديد بعيداً عن ثقافة العنصرية والعصبية والحقد والكراهية.
عبدالعزيز العرشاني
لن أعيش في جلباب علي 1586