حينما نقول مدينة الثورة تتجه الأنظار صوبها وحينما نتحدث عن المدنية يأتي الحديث عليها هي مدينة الصمود، فيها تأسست أول ساحة حرية ومن أزقتها انطلقت المسيرات السلمية التي قدمت أنقى الشهداء وضربت أروع الأمثلة في الإباء والشموخ , إنها الحالمة مدينة الفن والأدب والشعر , ولادة الرواد والقادة , وموطن الجمال والسعادة , فيها ولد الشاعر الفضول وعلى وقع سحرها عزف الفنان أيوب , جمالها يأسر القلوب , من يسكنها في هوى الحب يذوب , جمعت مابين الجبل والسهل والوادي, والساحل والبحر المحاذي , مرافئ القصيد والنوادي , لها في كل فنٍ حادي , لما يحن الشوق في فؤادي , يمنت نحو تعز يا بلادي.
قد أبدو عنصرياً للبعض لكنني أراها جزءاً من ذاك الوطن الكبير الذي لايعني إعلان حبي لجزء منه إلا جزءاً من حب كبير سكن الوجدان والخاطر, فروعة تعز أنها يمنية وما أجمل اليمن وفيها تعز , حين تتحدث إلى الآخرين من الجنسيات الأخرى عن ثورة اليمن لابد أن يذكر لك تعز وحين تنزل في ساحات الحرية والتغيير ستجد شيئاً من تعز , ذات يوم ثوري سطر فيه شبابها أروع المواقف التقيت بأحد الإخوة السوريين فما إن رآني حتى باشرني بالقول -بلهجته الشامية- (أبوس رووسكن أهل تعز والله ترفعوا الراس) , حينها رفعت رأسي فعلاً وقد غمرتني مشاعر النشوة وإن كان في الحلق غصة لفقد كوكبة من خيرة رجال ونساء المدينة الشامخة, إنها مدينة الثورة بامتياز، كيف لا وأهلها يستمدون شموخهم من جبل صبر الرابض في قلوبهم كسمو لا يقبل الخضوع , وحين نادى الناس إلى الدولة المدنية استعادت تعز مدنيتها من خلف غبار الأيام القاسية التي عاشتها تحت القصف والدمار؛ لتبدو كحسناء تصحو من غفوتها تنفض عنها أتربة المعاناة والألم , نعم هاهي تعز في المقدمة وهي تخطو على درب المدنية كما كانت في المقدمة يوم ثار الوطن ضد الظلم والفساد, وكان لابد أن يستجيب أهلها لهذا النداء الحضاري ولم الصفوف وتوحيد الجهود للمضي نحو العهد الجديد , وليس منا من لم يستجب لهذا النداء وليس تعزياً من مارس الفوضى والخراب , فليتنافس الجميع في خدمة تعز ولندفع بعضنا لتضميد الجراح وترميم العلاقات حتى تعود لتعز ابتسامتها التي طالما أبدتها عند الصباح وعقب المطر, وبين الحقول وحلو الزهر , وعند التباهي بتلك الربوع وعند ارتقاء معالي صبر.
تغريدة:
تعز في تائها تاريخ مجد , وبعينها عز البلد , في زائها زأر الأسد , ضد التخلف والفساد.
توفيق الخليدي
إنها منطلق الثورة والدولة المدنية 1838