قبل ما يزيد عن عام تقريباً وتحديداً قبل الثورة الشبابية الشعبية إلى أن تم تشكيل حكومة الوفاق "وفقها الله للخير" لم نسمع من مجلس النواب أي صوت أو اعتراض على قرارات ما، لكنه للوطن فعلاً بل لا نكاد نسمع عن شيء اسمه مجلس النواب إلا أيام الانتخابات البرلمانية وكأننا نعلق على صور حائط الصور طبع ثابتة لا تتحرك، لكنهم كانوا يتحركون لما هو الصالح الخاص للعائلة والمتنفذين والحزب ولا يعينهم المواطن بشيء.. طبعاً أتكلم عن الأغلبية في المجلس التي من المفروض أنها تملك حق الرفض والقبول.
كانت الأمور في البلاد تتحرك بأمر متفرد ومتنفذ ولا معقب أو مراجع لأمره، الغريب من كل ذلك أننا نسمع نفس الحزب الأغلبية، بل هم نفس الشخصيات الهزيلة اليوم تتغنى بمعاناة المواطنين أو ذوي الاحتياج أو أبناء القوات المسلحة والأمن، تريد أن تظهر نفسها أنها هي الحريصة عليهم، ويزعجنا جميعاً ذلك عندما يأتي هذا الحرص علينا ممن ملك زمام الأمور وقيادة السلطة طوال ثلاثة وثلاثين عاماً، لم نر فيها إلا وبالاً وخسارة وانهيار ونعود بسرعة احتضار إلى الوراء، فقد كان منذ زمن الريال اليمني له قيمته في السوق واليوم هذا الجيل لا يعرف شكل الريال اليمني، موانؤنا الهامة والإستراتيجية تباع بثمن بخس أو بالأصح توهب لمصلحة شخص، تذهب تضحياتنا من القوات المسلحة والأمن في صعدة وعلى مدى ستة حروب دون حسم وتنهب ثروات البلاد استغلالاً لذلك.
نذكر أن سعر الكيس القمح كان لا يتعدى مائتين ريال وأصبح اليوم يتعدى الآلاف، كذا أسعار المشتقات النفطية وأسعار الغاز المنزلي وبقية المواد الغذائية.. وأشياء نستحي من ذكرها حتى ألسنتنا مثل تدمير مشروع الوحدة الذي أصبح اليوم يسمى "القضية الجنوبية" ولو كان هناك نظام عادل وبرلمان يراقب بنزاهة لما كانت هناك قضية أصلاً، لقد حدثت انتهاكات خطيرة وتجاوزات مهلكة للوطن والمواطن ولم نسمع يوماً من الأيام لحزب الأغلبية في البرلمان يدعو الحكومة للمساءلة أو تتخذ الإجراءات القانونية و الدستورية للمحاسبة والعقاب رغم كل تلك الانتهاكات وما خفي كان أعظم، ولا تستحي كتلة الأغلبية أو حزب العائلة من أن تنصب نفسها اليوم مدافعاً عن المواطن الذي لم ير منها إلا كل سوء طوال الثلاثة والثلاثين عاماً والمحاسن التي يزعمون أنها منجزات لا ترقى أن تذكر مقابل المساوئ التي زرعوها وما زلنا نتجرعها ومنها حزب الأغلبية "العائلة" الذي يحاول بكل طاقته أن يعرقل عمل حكومة الوفاق ليظهر نفسه وكأنه الحريص علينا ونحن ندرك أن حرصه على مصالح العائلة ومصالحها أكبر من حرصهم علينا.
صحيح أنا أدرك أني لا أعرف السياسة وخفاياها، لكني كذلك أكثر إدراكاً بأن هذا الحزب الفاقد للنظام الحزبي الصحيح هو لا يرقى لمستوى تنظيم حزبي، بل جمع قبلي "قبيلة وليس حزباً" ولهذا السبب هو فاشل تماماً في التعامل مع أي متغيرات وإلا لماذا لم يدركوا أنهم انكشفوا وأصبحوا بثاً مباشراً وصفحة مكشوفة للشعب يستطيع قراءة كل ما يريدونه وكان من الأولى على هذا الحزب في هذه المتغيرات أن يعيد ترتيب أوضاعه ويعترف للشعب عن كل الإساءة والظلم وأن كان لا يكفي الاعتراف والاعتذار، لكنه أفضل طريقة سانحة لهم وبشرط أن يكون الاعتزاز مبني بالأفعال وليس المراوغة والكذب حسب العادة.
لذا كان لزوماً لتحقيق المصالحة الوطنية وجعل الحكومة الوفاقية تقوم بواجباتها بأكمل وجه وتتحمل مسؤولياتها دون عرقلة ولن يتم ذلك إلا بالدعوة لانتخابات نيابية مبكرة وحل هذا المجلس العبثي وقطع الطريق أمام المشاغبين إبدالهم بنواب يهتمون بمصالح المواطن فقط وليس العائلة كما هو الحال لدى ممثلينا الحاليين وتفيد هذه الخطوة في طريق الإصلاحات المتواصلة التي يجب أن تسبق الحوار الوطني.. والله الموفق.
مدين القحطاني
نواب.. سكتوا دهراً ونطقوا كفراً 1770