في الفترة الأخيرة نشرت بعض الصحف المحلية ملخصات لدراسات في المجال الاقتصادي المتعثر والمختل أصلاً، قدم أصحاب هذه الدراسات رؤيتهم ونصائحهم لمعالجة الخلل، متناسين أن القرار بيد رجل واحد حكم بقبضته كل شيء، أطلعت مؤخراً على ملخص لدراسة أعدتها وزارة التخطيط، حيث أشارت إلى أن معدل نمو الناتج المحلي حقق انحرافاً سالباً مقداره (1.5-) خلال فترة 1996 – 2000، حيث كان المستهدف تحقيق نمو قدره (7%)، لكن ما تحقق هو (5.5%) نتيجة للانحراف السالب في قطاع الزراعة مقداره (0.8-) والذي يمثل 14.2% من الناتج المحلي..
وفي قطاع الصناعة التحويلية بمقدار (6.1-) الذي يمثل 6.4% في الناتج المحلي، وفي قطاع البناء والتشييد بمقدار (5.6-) يمثل (5.1%) من الناتج المحلي في الخدمات الحكومية بمقدار (7. 3-) يمثل (5.1%) أي ما نسبته (10.4%) من الناتج الحلي. أي قطاع النقل والتخزين والاتصالات بمقدار (1.5-) يمثل (10.6%) من الناتج المحلي، أما أن معظم القطاعات لم تحقق نمواً يذكر باستثناء قطاع النفط الذي حقق نمواً متوسطاً مقداره (5.2%)..
نتيجة لهذه الاخفاقات فإن النمو الفعلي للناتج المحلي وصل إلى 3.3% كمتوسط في حين كان المستهدف 5.6%، الدراسة عللت أن سبب الانخفاض يرجع إلى التدني في معدل نمو كل من قطاعي الزراعية والصناعة الاستخراجية (النفط). والقطاع الزراعة يعاني من معوقات هيكلية عديدة منها الاعتماد على مياه الأمطار واستخدام الأساليب التقليدية في الزراعة، تصحر الأراضي. أما قطاع الصيد فإنه يعاني من تخلف أساليب الصيد، وشحة الاستثمارات، أما قطاع الصناعة التحويلية فهي صناعات خفيفة تعتمد في مدخلاتها على الواردات الأمر، الذي يعني انخفاض القيمة لهذه الصناعات، كذا المنافسة الشديدة من قبل المنتجات المستوردة الأقل سعراً وأيضاً السلع المهربة في دراسة أخرى لوزارة التخطيط حذرت من أن البلاد تحتاج لنحو (2.6) مليار دولار سنوياً لدعم الموازنة العامة، وهذا الدعم يتألف من مكونيين رئيسيين: 1- دعم الموازنة بـ(1.3) مليار دولار للسيطرة على عجز الموازنة في الحدود الآمنة الأمر الذي يضمن الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، وبما يغطي حوالي 50% من قيمة العجز الحالي المتفاقم بحيث ينخفض إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي..
الموازنة العامة ومنذ عقود تواجه اختلالات عميقة في جانب الإيرادات التي من أبرزها ضعف استدامة المالية نتيجة للانخفاض المستمر في عائدات النفط الخام الذي تمثل عائداته 70% من الإيرادات العامة، فالإيرادات انخفض (7.5) مليار دولار عام 2008م إلى حوالي النصف عام 2009 بسبب تراجع كميات وأسعار النفط. وسوف تستمر في الانخفاض خاصة حصة الحكومة منها. هيمنة النفقات الجارية التي ارتفعت من 71% عام 2004 إلى 86% من إجمالي النفقات العامة، وصافي الإقراض عام 2008، ويأتي هذا على حساب النفقات التنموية، الذي يسيطر على النفقات الجارية وفاتورة الأجور والمرتبات ودعم المشتقات وخدمات الدين العام بنسبة تصل في المتوسط إلى 75% من إجمالي النفقات الجارية للفترة 2004 -2008م، ارتفاع فاتورة دعم المشتقات النفطية إلى (3.8) مليار دولار عام 2008 واليوم تصر الحكومة على رفع الدعم نهائياً.. تراجع النفاقات التنموية (الرأسمالية والاستثمارية) التي وصلت إلى 1.6 مليار دولار عام 2007 حتى تراجعت للأعوام 2009-2008 إلى (1.35) مليار دولار، تفاقم عجز الموازنة العامة وتجاوزه للحدود الآمنة حيث بلغ أعلى مستوياته عام 2009 نحو 9.1% من الناتج الإجمالي والتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى حوالي 10% في المتوسط خلال فترة 2010-2012.
للمرة الأولى تتحدث الوزارة أن تمويل عجز الموازنة عن طريق أذون الخزانة أصبح أمراً غير ممكن بسبب تراجع الطلب على أذون الخزانة وخيار الاقتراض الخارجي يترتب عليه زيادة المديونية، وفي حال اللجوء إلى التمويل بالعجز (طبع النقود) فسوف يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات التضخم وتدهور مستويات المعيشة.
هوامش:
1- الملحق الاقتصادي - الثورة العدد (16659) 22/6/2010.
2- الملحق الاقتصادي - الثورة العدد (16645) 8/6/2010.
3- الملحق الاقتصادي - الثورة العدد (16610) 4/5/2010.
د.علي الفقيه
مطلوب مصداقية في إعداد الدراسات الاقتصادية 1821