الفساد أصبح حديث الناس بالرغم من اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية والثقافية، وبدلاً من أن يكون الحديث عن هذا الغول الكبير الذي يهيمن على العقول وهم يومي يتنامى باستمرار بدليل المبالغ الخيالية "المليارات" التي تذهب إلى جيوب الفاسدين، أما الحديث والنقاش عن الهم الوطني والأزمات التي تراكمت دون حلول منذ عقود فإنها لا تحتل إلا المرتبة الأخيرة بل والمغيبة.
منذ إحداث الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قبل عقود وهو يقدم تقارير عن نشاطه الرقابي في المؤسسات الرسمية وكشف عمليات الفساد التي تمارس، لكن تقاريره تذهب أدراج الرياح، لأن الجهاز يدار من قبل الحاكم.. مؤخراً أجرى الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فحصاً ومراجعة للحسابات الجارية والخاصة في وحدات الجهاز الإداري الذي يشمله نظام الموازنة العامة واكتشف الكثير من التجاوزات، حيث تم وضع جزء من إيرادات هذه الوحدات في حسابات جارية خاصة، والصرف من تلك الحسابات لأغراض مرصود لها اعتمادات في الموازنات العامة لتلك الوحدات، بلغ عدد الحسابات الجارية "الخاصة" حوالي "18" حساباً مركزياً في 8 جهات، وبلغ إجمالي العائدات الموردة إلى تلك الحسابات خلال عام 2008 مبلغ "5.754.758.283" ريالاً، ومبلغ "116.918.884" دولاراً، تمثل أرصدة مرحلة من عام 2007م، حيث بلغ ما تم صرفه من تلك الحسابات خلال العام المالي 2008م مبلغ "4.029.678.491" ريالاً، ومبلغ "69.037.175" دولاراً.
ومصلحة الجمارك لم تورد مبلغ "200.000.000" ريال إلى حساب الحكومة، كذلك صرف الحوافز الشهرية في مصلحتي الجمارك والضرائب والمتمثل بحافز الضريبة العامة على المبيعات لا تتم وفقاً لمعايير وأسس وتقييم، حيث بلغ الصرف في مصلحة الضرائب مبلغ "375.216.291" ريال، وفي مصلحة الجمارك مبلغ "149.068.026" ريال، كما قامت مصلحة الجمارك بصرف مبلغ "127.595.508" ريالات، كشراء وسائل نقل من الحسابات الجارية، حيث يعد ما أقدمت عليه مصلحة الجمارك مخالفة للقوانين، وهناك حسابات جارية في مصلحة الجمارك لم يتمكن جهاز الرقابة من مراجعتها والبالغ "1.815.185.342" ريالاً، نتيجة لعدم توفر سجلات ووثائق.
أما الفساد في وزارة النفط فهو الأعلى حجماً وشهرة، فالوزارة لا تزال تتحصل الموارد المحصلة من الشركات النفطية عن طريق استخدام خط الأنبوب وتجنيبها بحساب الدعم المؤسسي والصرف منه لأغراضها الخاصة، ولا تورد المبالغ إلى حساب الحكومة كونها موارد سيادية.. وزارة مستمرة في عدم إظهار موارد المبالغ المتأخرة والتي لم يتم سدادها للوزارة عن العام المالي 2008م من قبل الشركات النفطية، حيث بلغ إجمالي تلك المبالغ "213.037" دولاراً، إضافة إلى عدم قيام إحدى الشركات النفطية بعدم توريد مبالغ متأخرة عليها من غرامات عن استخدام خط الأنبوب عن العام المالي 2007م مبلغ "186.378" دولاراً.
وهناك موارد عرضية تم تحصيلها عام 2008م بلغت "2.638.610" دولاراً، والتي تمثل "2.062.500" دولار موارد مشروع الغاز الطبيعي المسال و"500.000" دولار موارد مشروع طريق، صرف مبلغ "1.540.181" دولاراً، خلال عام 2008م مقابل تعاقد مع خبراء، سداد ضرائب المهن غير التجارية والصناعية نيابة عن المستشارين الأجانب وعدم خصمها من مستحقاتهم، حيث ما تم سداده مبلغ "118.733" دولاراً، أجور خبراء أجانب "364.990" دولاراً لمحافظة عدن.. هكذا يتم نهب المال العام وعائدات النفط وطوابير الفقراء يزدادون أعداداً وهم بالملايين.
د.علي الفقيه
سلطة نهجت التجهيل والفساد 1686