الحسم الثوري بالتوافق الانتقالي ضرورة لا بد منها:
من الضروري أن تسير خطوات الحسم الثوري السلمي بوتيرة أعلى بجميع المستويات وبكافة الأدوات بما فيها أداة الدولة، وأن يكون إيقاعها متزناً ًوعميقاً، وهذا يتطلب اعتماد نفس الحسم الثوري السلمي ذلك الذي يعني الانتقال باليمن من القبيلة إلى الدولة، ومن العائلة إلى المؤسسة، ومن العصبية البغيضة إلى رحابة المواطنة المتساوية، من جهالة قال الفندم إلى العمل بالقانون، ومن عهد توجيهات الرئيس إلى تفعيل مؤسسات الدولة، أي الانتقال من الفوضى إلى النظام، فاليمن بلد الحضارة، لا حضيرة يعبث بها حفنة من الناس.
وإذا كان الزمن يتسرب من بين أصابع الرئيس المنتخب المدعم بالإجماع الوطني والإقليمي والدولي المشير عبد ربه هادي منصور فهذا يستدعي التنبيه، والتساؤل: أين بقية القرارات الحاسمة التي تطمئن اليمن واليمنيين بمحاكمة الفاسدين ومعاقبة المتمردين؟ وماذا عن المؤسسات المدنية التي تعاني الأمرين من ظلم الفاسدين، متى تطالهم العدالة؟
هيكلة جميع المؤسسات المدنية بحسب المبادرة ضرورة وطنية:
لقد جرت العادة أن يكون الحديث عن الهيكلة مقتصراً على الجيش، وماذا عن بقية المؤسسات هل تتركون العابثين والفاسدين يعربدون بمقدرات اليمن، ويستنـزفون إمكانيات الوطن، لقد أكدت المبادرة أن الإدارة ستكون بالتوافق الانتقالي أي أن 50% من الدولة ستكون من نصيب القوى الثورية التي صنعت التغيير، وتأخير هذا الأمر يعد مخالفة صريحة للمبادرة الخليجية ويتيح للمخلوع العبث بالجهاز الإداري للدولة والإسراع في تفعيل التوافق الانتقالي يعني منح اليمن رئة صحيحة تتنفس منها الهواء النقي.
القضية الوطنية بين صراع الموت والحياة:
إن صراع الموت والحياة هو الصراع الذي تعيشه القضية الوطنية في بلادنا هو صراع داخل الجهاز الإداري الذي يمثل القلب النابض، وإذا كانت العسكرية هي مضرب المثل في الانضباط والصورة المثلى لتنفيذ الأوامر الصحيحة فإن ما حدث فيها من تمرد على أوامر الرئيس، يوضح أن المخلوع يعيق تنفيذ القرارات الرئاسية من خلال أزلامه هنا أو هناك، وهو ما يعني أن نـزع الشرعية عنهم، وتجنيب اليمن شرورهم يعد من أهم ما يتوجب فعله الآن وليس غداً.
إن ذلك الصراع يتجلى في مظاهر كثيرة يتجلى في الصراع بين من يصلحون الكهرباء من رجالات الكهرباء الشرفاء والجادين وبين مجموعة من الفاسدين المفسدين من عبيد العائلة، ويظهر في صمود اللجان الشعبية واستبسال أبطال القوات المسلحة ضد قاعدة المخلوع، ويلمسه الناس في مؤسسات الإعلام التي تطالب بعزل المجرمين، أو المؤسسات الجامعية التي تطالب بتطهير الصرح العلمي الجامعي من المتورطين في قضايا فساد، أو المؤسسات الأمنية التي يريد عتاولة النظام وجلاوزته أن يفرضوا أقاربهم على أبطال الأمن المغاوير، أو في المؤسسات القضائية التي تطالب بالحقوق، وهكذا في بقية أركان الحياة.
في اليمن نبع ماء بالحياة وقرحة قيح بالصحيح:
من الواضح أنه توجد في اليمن عين نابعة طاهرة تريد لليمن وأهله الخير تمده بالحياة مصدرها القرارات الرئاسية والوزارية وقرحة مريضة تقذف اليمن بالصديد والقيح هي بقايا النظام (بذرة خبيثة في جسم اليمن النظيف بحسب تعبيره) التي تقتل النفس، وتقطع الطريق العام، وتقلق السكينة العامة، وتعرقل الموازنة العامة، وغير ذلك من أفعالها الإجرامية بحق الوطن والمواطن، وتبقى المسألة الأساسية: إن القرارات الصحيحة ضرورة لا بد منها وتأخيرها يكلف اليمن تكاليف باهظة، ويهز هيبة الدولة.
الانتخابات الرئاسية أنهت زمن المقايضات:
وأخيراً فبعد الانتخابات الرئاسية بالإجماع الوطني لا يوجد مقايضات يسير فلان إذا عزلوا فلان، مثل هذا الأمر كان مقبولا قبل الانتخابات الرئاسية، أما اليوم فالرئيس المنتخب هو الشرعية الوطنية التي تمثلها إرادة الناخبين، وهذا ما لم تدركه العائلة، يتحدثون وكأنهم في زمن المساومات، والمقايضات لأنهم يرون الوطن مزرعة خاصة بهم، فأيقظهم يا سيادة الرئيس من غفلتهم بقرارات ترد لليمن اعتباره، وللمؤسسة العسكرية معناها الوطني، قرارات ترد المؤسسة العسكرية إلى جسد اليمن بعد أن تحول جزء منها يدا آثمة تقتل اليمنيين.
ملاحظة:
صور اللجنة العسكرية جميلة جداً، وخاصة أنهم يتنوعون في زيهم فبعضهم بالبزة العسكرية وبعضهم بالزي المدني، تحية كبيرة لهم من القتل في أرحب، والموت في بني جرموز، والتمرد على القرارات الرئاسية، برغم كل ذلك تبقى الصور التذكارية إحدى أجمل إنجازاتهم الحياتية يفرح بها الأولاد، ويتباهها بها الأحفاد، وصدق الله العلي العظيم: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (46) سورة الحـج.
د. محمد عبدالله الحاوري
اليمن خطوات واثقة تستوجب المزيد 1945