اللجنة التحضيرية للحوار المنبعثة من جميع القوى بالاشتراك مع قطاعات الشعب المختلفة تواصل مهامها على نطاق واسع لتهيئة المناخات الملائمة لهذا الحوار الجامع الشامل على طريق تحقيق أهداف الثورة الشعبية السلمية الرائدة كاملة في إطار المبادئ الوطنية المعبرة عن روح التطور والوفاق والانسجام بين حرية المجتمع وحرية الفرد في المجتمع وموضوع القانون باعتباره أخطر ما يواجه الثورة اليوم ويضعها على المحك.
إن تقنين الثورة حصانة أكيدة للتطور الدستوري السليم ليظل القانون دائماً أكبر من مراكز القوة وأعلى من إرادات الأفراد، لأنه يعبر بصدق عن الجميع ومطالب المجتمع ويحقق الانسجام التام بين حرية الفرد في المجتمع وبين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاقتصادية والديمقراطية الدستورية والموازنة بين الحق البسيط للفرد في الحياة (أكل وسكن وأمن...إلخ) وبين الحق المركب للفرد في هذه الحياة (الطموح والتفوق والانطلاق النابع من الرغبة والقدرة) أو بعبارة بين حق اللقمة من أجل الحياة وحق البرطعة في ميدان الحياة.
ولست أبالغ إذا أرجعت جميع التطورات والثورات التي حدثت على مر التاريخ إلى تصادم هذين الحقين وإلى تحقيق أحدهما على حساب الآخر إلى الحد الذي يشعر الإنسان بفقده أحدهما، فيثور من أجل استعادته.
وبديهي أن القانون، وهو مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الناس في المجتمع وتعبر عن الأسلوب الذي ارتضوه للتعامل بينهم ولتطبيق العدالة والأمن والرخاء الذي يتطلعون إليه والذي يتوق إليه مجتمعهم، ويتحقق به آمال الناس كل الناس وليس بعض الناس، وأن يؤكد التطور المستمر لهذه الآمال، بحيث لا يصبح مع الزمن وثيقة تاريخية. ينظر الناس إليها في دهشة، وكأنها شيء لا يعنيهم، أو يصبح قيدً يثقل سير المجتمع بل ويقيد انطلاقه، بل يجب ألا يكون معبراً عن مصالح قلة في المجتمع تتعارض مع صلب مصلحته وأن يحمل في ثناياه روح التطور بحيث يصبح شيئاً حياً ينمو مع المجتمع ويدفعه إلى التطور، ويكون دائماً في خدمته وفي عونه من أجل النمو والبناء والتغيير والحرية للإنسان بمعناها المتسع، حريته في أن يحقق لنفسه كلما يتجاوز مطالب الحيوان البدنية. وهي التفكير والخلق والابتكار، ورغبته الدائمة في السبق والتمييز، فالحرية رصيد سائل يدفع منه بقدر ما يأخذ، والإنسان عندما يثور من أجلها، لا يثور على مجرد فقدها، بل يثور لأنها تنهب، يثور على السرقة وليس على فقد الحرية التي وهبها الله، ومن جديد تثبت الحقيقة الجازمة بأن النظم يجب أن تتطور لملائمة الفرد حاجيات الإنسان والمجتمع الذي يحرص على أن تكون الصفقة عادلة لكي لا يضطر للثورة من أجل استردادها مرة ومرات وهكذا هي الشعوب الحية ترى حكمها في ذلك حكم الرصيد البدني والعصبي وكل ما تحرص عليه وتناضل في سبيله على مر العصور والأزمان، كما هو شعبنا يقدم المزيد من التضحيات والبذل والعطاء على طريق أهداف ومبادئ ثورته الإنسانية، ويقف بكل فئاته في مختلف الميادين والساحات على امتداد الوطن، باعتبار الحرية أثمن ما لديه، وسيظل يكافح بكل ما أوتي من قوة واثقاً بنصر الله، ولينصرن الله من ينصره، وعلى الباغي تدور الدوائر.
عبدالجليل حمود أبوغانم
بين حرية المجتمع...وحرية الفرد 2135