;
2012-04-16 03:56:47


أرى البشائر تترى في نواحيها.. من بعد يأسٍ طغى من فعل طاغيها
أعنى صحوته ووعيه واستشعار مكانته وما ينتظر منه لأمته ووطنه، وندمه وتحسره وتأسفه على ما مضى من عمره في طاعة وعبودية الطغاة، وإسرافهم في الطاعة العمياء، فما استعمل الطغاة هنا معولاً أشد من الشباب ضد شعوبهم، وهم لجهلهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، فكم رأينا وسمعنا من الشباب من يفاخر بنصرته للظلمة على المظلومين، معتمداً على وحي الطغاة الذين غرسوا فيهم أفهاماً مغلوطة لا صلة لها بالحقيقة، فقد رسخوا فيهم أن الزعيم والبطل الوهمي هو الوطن، وهو الشعب، هو وحدة الأمة وقوتها، هو روحها وريحانتها.. هو الحياة القويمة التي يعيشونها، ولو كان هذا العيش في منتهى الهوان، وأذل, وأقل من عيشة الحيوان، فرأينا كل البلاطجة والشبيحة هنا وهناك من الشباب الذين بقوا في غيهم سائرين، حتى بعد أن صحا الخيرون الغيورون، وبعد سقوط أعتى الطغاة دون أن تذهب الشعوب والأوطان سُدى، أو في مهاوي الردى
لكن الشباب الذين نستبشر بهم هم من النوع الذي يحترم عقله، ويدرك أهميته ومكانته، من الشباب الذي يبحث عن الحق فيحمله، الشباب الذي يدخل تحت قوله تعالى: ((إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)) وقوله صلى الله عليه وسلم :"نصرني الشباب وخذلني الشيوخ" وقول حبر الأمة وترجمان القرآن عبدالله بن عباس: "الخير كله في الشباب" ولا يهمنا كثيراً صحة الحديث، أو الأثر أو كليهما، لأننا لا نريد أن نبني على ذلك أحكاماً، وإنما نستخلص دروساً وعبراً.
الواقع قديماً وحديثاً ـ وما أظنه إلا سيستمر ـ يشهد بذلك، ما دام الشباب يمثلون بمجموعهم ـ دائماً ـ القوة الحقيقة للمجتمع، وإن عُطلت هذه القوة ـ عندنا ـ حيناً من الدهر، بتضليلها، وتغفيلها، وصرفها عن مهمتها الحقيقية، وقضاياها الكبرى، وتجهيلها، وتجويعها، خاصة في عصرنا الحديث، الذي أجاد فيه أعداء الأمة تآمرهم على كل مقدرات الأمة وطاقاتها، وأهمها الشباب، الذي سُخر للطش والبطش، ولخدمة الحاكم وحاشيته.
 عودة الشباب اليوم إلى فهم مكانتهم ودورهم صنعت لنا ربيعاً عربياً حقاً، سبيلغ شذاه بقية أرجاء الأوطان، والشعوب المغلوبة على أمرها، المحرومة مما وصلت إليه شعوب أقل شأناً منها.
أما وقد كشف الغطاء عن تآمر الحكام الطغاة على شعوبهم، ووضح الحق، واستبان السبيل، وأيقن الناس بمعظمهم أن لا خلاص، ولا سعادة إلا بإزاحة الطغاة عن كواهل البؤساء وتصدر الشباب للثورة السلمية تواقين إلى إعادة مجدٍ عظيم أسسه أسلافهم، ورعوه حق رعايته، وحافظوا عليه، حتى خلف من بعدهم خلف أضاعوه.
مرحى فقد وضح الصواب.. وهفا إلى المجد الشباب
ودعا إلى مستقبلٍ.. لا ظلم فيه لا عذاب
تصدر الشباب وهو يعلم أنه سيكون أكثر فئات المجتمع تضحية، وعرضة لاستهداف الطغاة هنا وهناك ولكن الله عز وجل وقد أذن بالفرج بعد اشتداد الأزمة، عجل بالفرج في تونس في أيام، ونصرت الثورة هناك بالرعب الذي دب في نفس الطاغية ومن والاه ومن شاركه الطغيان، وعجل بنصر الشباب في مصر في أيام أيضاً بعد معاناة وتضحيات أكبر من سابقتها، لكن ذلك كان أيضاً حافزاً ومشجعاً للمقهورين من جيرانهم في ليبيا، فأخر الله النصر ـ نسبياً ـ لأن الطاغية اختارها حرباً شاملة، مستعملاً كل ما يملك من عدة وعتاد، قد أعدها لمثل هذا اليوم لمواجهة شعبه فقط لو انتفض، فهزمت العدة والعتاد وذهب الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، هزم الطاغية على أيدي شباب ليبيا، ولا ينكر أثر القوات الأجنبية الدولية في كبح طيرانه إلى حد لم يكن الأساس في هزيمته، فكان النصر العظيم وظهر الشباب المتنصر بمظهر المتواضع الحامد لله المستبشر المبشر بمستقبل بإذن الله ينُسي الليبيين ما عانوه أكثر من أربعة عقود.
وأراد الله أن تكون تجربة الشباب اليمني فريدة ذات مميزات في تكوينها، وسيرها، وسلوكها، وثباتها، وصبرها، ونتائجها.. تحفها ميزة الإيمان والحكمة، التي ما عرفها الناس إلا في الحديث الصحيح، واختاروا في تنزيلها على واقع اليمنيين، فتجلت في هذه الثورة في كل مجرياتها: في القرار ـ في التعامل مع الطغاة البغاة، في التعامل مع علماء وخطباء الطغاة الذين دعوا إلى قتل الشباب واستحسنوا المجازر والمحارق، في تعاملهم مع رواد الدعوة والثورة، في تعاملهم مع المندسين الذين ما جاءوا إلا للتخذيل، والإرجاف، والتعاون مع أعداء الثورة((لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً، ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة، وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين)).. كان هذا الأمر جلياً من فئة تأبى الحق والحقيقة والعدل والمساواة، وإنصاف الناس، تسعى لاستبعاد الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، ثم خدعوا بمثل هؤلاء ردحاً من الزمن، فعادوا إلى رشدهم، برشدٍ بمني على معرفةٍ، وقناعةٍ بأن لا عودة لما كان إلى آخر الزمان.
ولشباب سوريا كرامات كأنها معجزات، فرغم المآسي لكنها تحمل في طياتها بشريات، فنصرهم آتٍ لا محالة، بإذن الله (الله ولي الذين آمنوا).
فبشرى عودة الشباب إلى الفهم الصحيح والعمل الصحيح وتصدر الدفاع عن كرامة الأمة ـ بشرى أثمرت بشائر، سنقف مع بعضها في وقفات قادمة بإذن الله.. فإلى بشرى أخرى.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد