يفترض أن يبدأ توجه جاد نحو قيام شركات مساهمة عامة واسعة النشاط وتوفير التمويلات اللازمة لنشاطها من أجل توفير المئات من فرص العمل للشباب في كافة التخصصات، حيث يعد هذا حلاً أمثل للحد من البطالة ومواجهة شحة التمويلات الخارجية والبحث عن مصادر تمويل محلية في ضوء صعوبات الحصول على التمويل الإنمائي الخارجي غير التجاري.. شركات الاكتتاب العام التساهمية من التنظيمات المالية والاقتصادية ذات الكفاءة، ما يمكن من خلالها تحقيق فائدة اقتصادية لليمن إن تم التوسع بإقامتها بشكل واسع وتتمثل تلك الفائدة في قيام كيانات اقتصادية أكبر ينجم عنها توسيع الطاقات التمويلية والاستيعابية للاقتصاد الوطني ورفع معدلات تشغيل القوى العاملة وتنويع مصادر الدخل وتوطين التقنية، التسريع في إقامة قاعدة اقتصادية وتوليد فرص عمل مستديمة ومتجددة وتنويع مصادر الدخل القومي، وتصحيح الاختلالات الهيكلية في بنيان الاقتصاد الوطني وتوفير البنية الملائمة واستثمارات المغتربين اليمنيين والتقليل من الآثار الاقتصادية السلبية للعولمة.
أما القطاع الخاص فيؤدي تبنيه لشركات الاكتتاب العام إلى تمكينه من مواجهة جوانب القصور التي يعاني منها وتوظيف الأرصدة الفائضة لدى القطاع المصرفي، وإقامة المشروعات الاقتصادية كثيفة رأس المال في القطاعات الإنتاجية الواعدة والحصول على التقنيات ذات التكاليف المرتفعة.
هناك مجموعة من المعوقات تقف حائلاً دون تنامي الشركات المساهمة، هذه المعوقات ترجع إلى عدد من العوامل من أهمها ضآلة الوعي الاستثماري حول أهمية ودور شركات الاكتتاب العام المساهمة، وغياب سوق الأوراق المالية المنظمة والصعوبات الناشئة عن الإجراءات المطولة لتأسيس هذا النوع من الشركات ودرجة النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي، التسريع في إقامة قاعدة اقتصادية: قطاعات الغاز والمعادن، الزراعة والأسماك والصناعة التحويلية، السياحة وهي القطاعات الإنتاجية والواعدة.
الحاجة ملحة إلى شركات الاكتتاب العام التساهمية وتوظيف رؤوس الأموال الكبيرة في تلك القطاعات، وقد كان ولا يزال دور هذا النوع من الشركات المالية محورياً في قيادة التطور الاقتصادي وبروز قلاع الإنتاج الصناعي في الاقتصاديات المعاصرة وللعمل على توليد فرص العمل.
القطاعات الإنتاجية الواعدة هي التي تولد فرص العمل الدائمة "غير العرضية" وهذا النوع من فرص العمل هو المرغوب لدى خريجي التعليم العالي وقوى العمل الأخرى المؤهلة والمدربة ويحول دون توليد فرص العمل بالقدر الكافي الأحجام الصغيرة لمنشآت القطاع الخاص، لأن قدرات هذا القطاع على تشغيل قوى متزايدة محدودة وخاصة في القطاعات الإنتاجية والواعدة.
من هنا تصبح الحاجة ملحة إلى كيانات مالية كبيرة قادرة على جمع رؤوس أموال كافية للاستثمار في القطاعات الإنتاجية والواعدة المولدة لفرص العمل الدائمة وشركات الاكتتاب العام هي التي يمنحها القانون سلطة جمع المدخرات على مستوى الاقتصاد القومي.
ومن جانب آخر فإن هذا النوع من الشركات المالية هو الأكثر أماناً للاستثمارات طويلة الأجل، شركات الاكتتاب العام حاجة ملحة لتعزيز النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل، يتطلب الأمر تنويع مصادر الدخل الوطني التي تتسم بالاستمرار والديمومة، أي استثمارات ذات استخدام كثيف لرأس المال في القطاعات الإنتاجية والواعدة، وقدرة على استخدام تقنيات وأساليب الإنتاج المتقدمة، ومخصصات مالية كافية لأغراض البحث والتطوير، وتعد هذه المتطلبات شروطاً أساسية للاستمرار والمنافسة وتنوع صادرات القطاعات غير النفطية، لكن القطاع الخاص محدودة قدراته الاستيعابية لم تمكنه من التوسع لجذب الموارد المالية المتاحة محلياً، وينطبق هذا الشيء نفسه على تدفقات رؤوس الأموال الخارجية من القطاع الخاص الأجنبي لفرص الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الحقيقي، إذ لا يمكن أن تستقر إلا في بيئة استثمارية مواتية وقطاع خاص محلي حاضن لديه رؤوس الأموال التي يستطيع من خلالها تكوين شراكات ذات قيمة ومغرٍ لرؤوس الأموال المتدفقة والراغبة في الاستثمارات والإقامة.
يتطلب في القطاع الخاص توفير عمالة ماهرة ومدربة ومستويات مقبولة من تقنيات الإنتاج وأسواق معلومة سلفاً لأغراض التصدير والاستيراد ومخصصات لغرض تنفيذ دراسات الجدوى وأبحاث الاستكشاف والتطوير، إلا أن القطاع الخاص بوضعه الحالي يعاني من جوانب قصور عميقة في هذه الجوانب، وهو محدود القدرات لجذب رؤوس الأموال المتدفقة من القطاع الخاص الأجنبي لغرض الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الحقيقي الواعدة.
د.علي الفقيه
سلطة امتهنت الكذب طيلة ثلاثة عقود لخلق نمو اقتصادي وتوفير فرص عمل 2086