ذكرنا في المقال السابق أن حديث الأستاذ/أنيس حسن يحيى – عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي- عن ضرورة النقد الذاتي والمراجعة والشفافية، حديث صحيح وتوجه سليم، ولكنه عندما تحدث عن الدولة المدنية وعلاقتها بالشريعة الإسلامية لم يتحل بالشفافية وإنما جاءت رؤيته بصورة ضبابية.. وإن موقفه المتشدد من الشيخ عبدالمجيد الزنداني لم يكن موفقاً ولا موثقاً بالأدلة والبراهين، وإنما ساق الاتهامات جزافاً وعليه أن يطرح بالأدلة ما يثبت قوله من أن تصريحات الشيخ الزنداني وفتاوية التفكيرية تسيء لحزب الإصلاح، والمطلوب من الأستاذ أنيس أن يذكر التصريحات التي يقصدها ويدلل على الفتاوى التفكيرية التي ينسبها للشيخ/ عبدالمجيد - حفظه الله.
أما بخصوص الموقف من بشرى المقطري وفكري قاسم فإن الشيخ ومعه مجموعة من العلماء أصدروا بياناً عاماً يحذرون فيه من الإساءة للذات الإلهية والمقدسات الإسلامية وليس فيه تكفير لشخص معين ولا فرد مخصص، وبالنسبة للدولة المدنية لم يوضح أنيس حسن يحيى موقع الشريعة الإسلامية من رؤيته ودعوته لإقامة الدولة المدنية، وخاصة أنه يتبنى العلمانية والليبرالية في خطابه، والمشكلة أن الرجل يتحدث بشفافية وينتقد بحدة الإصلاح والشيخ عبدالمجيد والتيار السلفي داخل الإصلاح - حسب قوله، وعندما يأتي لموضوع الحوثيين فإنه يترك الشفافية والنقد الحاد يخدم أسلوباً هيناً ليناً وكلاماً هائماً عائماً، فهو لا يرى فيما يقوم به الحوثيون أي عنف أو تطرف ولا يتحدث عن الجرائم التي يرتكبها الحوثيون في صعدة وكتاف ودماج وحجة والجوف ولا يذكر التوسع والتمدد من كل الاتجاهات ولا الموقف الحوثي من التسوية السياسية والتوافقات الوطنية، وكل الذي يذكره ويؤكده أنيس حسن يحيى هو أنه عندما يقرأ صحيفة "أخبار اليوم" يرى فيها تحريضاً منظماً ضد الحوثيين، وأن الإعلام القريب من الإصلاح يهاجم الحوثيين بطريقة لا تسمح بالحوار معهم.
فهو يرى كل هذا لدى الإصلاح والزنداني و"أخبار اليوم" ولا يرى في الحوثيين سوى أنهم يريدون نشر مذهبهم الشيعي وهذا من حقهم ولكنه لا يوافقهم على إقامة دولة شيعية في صعدة وما جاورها، لأن ذلك سيؤدي إلى تمزيق اليمن، ويصل به الأمر إلى أن يتحدث باسم الحوثيين ويقول: إن إعلامهم ضعيف ولا يوضح بشكل كاف أنهم ليسوا بصدد إنشاء دولة!!.
وهذا كلام غريب ومردود عليه، فإعلام الحوثي ليس ضعيفاً وإنما قوياً وصارخاً، وأما أنهم ليسوا بصدد إنشاء دولة شيعية، فلا أدري من أين جاء الأستاذ/ أنيس بهذه القناعة في حواره مع صحيفة الشارع التي نشرت قبل شهر تقريباً تقريراً صحفياً للزميل من غزوان وفي صفحتين فيها تأكيد على أن كل ما يقوم به الحوثيون لا يدل على أنهم ينشرون دعوة وإنما يؤسسون دولة، ثم جاءت الوثيقة الفكرية والثقافية لتؤكد أنهم في الخطوات الأخيرة لتشكيل الدولة!!.
ثم يأتي قيادي اشتراكي وعلماني حداثي وسياسي كبير بحجم الأستاذ/أنيس حسن يحيى ليبرر للحوثيين ويدافع عنهم ويحسن ويجمل صورتهم، بينما شركاؤه في المشترك لا يتحمل منهم كلمة أو نقداً ولا يغفر لهم خطأ أو تقصير وإنما يسارع بالنقد الحاد والاتهام والتجريح.. وللحديث بقية وللموضوع صلة..