لم يدرك قائد القوات الجوية والدفاع الجوي أن زمن العنجهية والهنجمة والغرور ورفض الأوامر ذهب إلى غير رجعة.. لم يعي الفندم أنه لم يعد شقيق الرئيس وبإمكانه رفض أي قرار ولن يحدث ذلك ردة فعل لأنه أخ شقيق أو غير شقيق للرئيس في منظومة الأسرة المحكومة بأعراف القرية والقبيلة والفوضى والفساد...لم تستوعب العقلية المتغيرات والأحداث ..وما زالت الساعة البيولوجية في الأدمغة تشتغل وفق توقيت ما قبل عشرة أعوام غير مستوعبة الحاضر بمتغيراته ومتطلباته...وقد تكون عقول هؤلاء مغيبة في السبات الأبدي تحرك الأجساد في ظلالها بصوره آلية فقط كما هو الوضع لدى الدببة القطبية في حالة البيات الشتوي ..تلك التصرفات هي التي راكمت المشاكل والأحداث ونشرت الفوضى وقوضت النظام وأسقطت هيبة القانون وعززت الفساد ...عندما أصبح كل قائد مقرب من الرئيس يعتبر نفسه رئيساً ومالكاً للمؤسسة التي يرأسها لا يحق لأحد التدخل فيها أو السؤال عما يحدث داخلها سلباً أو إيجاباً أو إدارياً وماليا وفنياً ...إلخ.
صح النوم يا فنادم المؤسسات والمعسكرات التي ترأسونها ليست مزارع أبقار أو أغنام أو دواجن تملكونها وتعدونها للميراث من بعدكم..إنها مؤسسات تخص الوطن كل الوطن ومن فيها هم أبناء الوطن والمسؤولون عن حمايته والذود عنه , كفاكم عبثاً بها وكفاكم استثماراً لها فقد بلغ السيل الزبى.
وهي نفسها السلوكيات والتصرفات التي تعزز القناعة لدى الجميع ابتداء من رئاسة الجمهورية إلى قيادة وزارة الدفاع إلى المزاج العام والشعبي بضرورة وحتمية التغيير معززة بإجماع دولي وإقليمي يحرص فيه الجميع لحسن حظ الوطن على وحدة الوطن وأمنه واستقراره والذي لا يتأتي إلا بتغيير هؤلاء الذين رأوا أنفسهم خارج نواميس الكون وقواعد الحياة التي تقوم على التغير والتبدل، متناسين أنهم قادة أو مسؤولون يعينون بقرار ويقالون بآخر هذا إذا تناسوا أنهم بشر معرضون للمرض والموت كبقية البشر وليسوا داخلين في قائمة الخلود والأبدية ....الشعب يطمح ومن حقه أن يحقق طموحه في إنهاء حقبة الفوضى والمحسوبية والتحكمات الأسرية في المؤسسات ومراكز القوى والنفوذ ...وإحلال سيادة القانون بدل سيادة المزاج والرغبة ...وإحلال الكفاءات والقدرات وأصحاب المؤهلات بديلاً من أصحاب القرابات والأصهار والولاءات الحزبية أو المناطقية أو أياً كانت ...لم يعد مقبولاً لا شعبياً ولا دولياً مقايضة مصير أي شخص مهما كان مركزه أو منصبه بأمن الوطن أو المساس بسيادته أو مرافقه أو مصالحه.. أو وضع الوطن رهينة في قبضة قائد عسكري إما يحكمه أو يبيده بما يمتلك من آلة عسكرية وجدت في الأساس لحماية الوطن والذود عنه لا لتخريبه وتهديده وإملاء الشروط عليه , أو توجيه الآلة العسكرية لصدر ذلك الوطن الذي تحمل الكثير من العنت والمزاجية... ودفع الثمن غالياً نتيجة التصرفات الخاطئة والهوجاء...الجميع بانتظار قرارات أهم وأكثر حسماً وحزماً على الصعيدين المدني والعسكري حتى يتنفس الوطن الصعداء ويجد من أبنائه من يسعون لخدمته ورفعته لا من يسخرون الوطن ومقدراته لخدمة مصالحهم الأنانية والضيقة...
علي الربيعي
ذهب زمان تدليل القادة العسكريين إلى غير رجعة 1755