لا أحد معصوم من الخطأ ولكن أن يتخذ يوماً مُحدداً لارتكابه عيني عينك هو الخطأ بعينه، شهر أبريل المُسمى شهر الكذب وأول أيامه مناسبة يحتفل فيها الكاذبون بكذبهم ويؤججون ساعات اليوم بكذبات أغلبها شنيعة ومخيفة بحجة أنه بيوم الكذب مسموح الكذب ولا مؤاخذه عليه!.
المُستفز في الموضوع هو مد البعض لساعات الكذب المُتفق عليها لأيام أخرى في نفس الشهر اقتداء بذيل العيد والذي يُعطل الأغلبية يوماً أو أياماً إضافية بعد إجازة العيد ، كذلك الحال لكذبة أبريل هي الأخرى لديها ذيل خلال أيام الشهر نفسه ..
المتفق عليه أننا شعب (خرّاط) والكذب عندنا (معسبل) كما يسمونه البعض، فما حاجتنا ليوم أو شهر للكذب؟، الكذب لسان الكبير قبل الصغير فينا ومثلما يتواجد كذب ابيض فهناك كذب أسود ولو اختلفت الألوان والكذب واحد.
إذا نظرنا من نافذة الواقع سنجد الموظف اليمني في المؤسسات الحكومية مُغلّفاً على كذباً ويصبح ويُمسي على كذب أقرب مثل هو موظف مؤسسة المياه فبحسب حديثه المياه لا تنقطع من المدينة مع العلم أن الماء بات زائراً لطيفاً خفيفاً يأتي كل أربعين يوماً ويغادر بسرعة الريح!، وكذلك الحال لموظفي الكهرباء ومسلسل تفجير محطات توليد الكهرباء التي تُذكرني بـ (محزاة الديدي)، الحال يتكرر بقصة الزيادة في الرواتب، فكلما أشتم أحدهم خبر إكرامية أو زيادة أفشى الرائحة للجميع وبسرعة فائقة يصل الموضوع إلى الجميع ويتم الرد من المسئولين بأن الخبر مجرد كِذبة.
الشعب بات كذاباً ومازلنا نتساءل لماذا أطفالنا يكذبون؟، أظن الجواب سيكون شافياً حينما تسمعه من أصغر طفل وهو يقول (كلكم تكذبوا)!.
أعود لأقول لا أحد معصوم من الخطأ، ولكن الكذب المُستفز هو ذلك المتعمد إثارته، خصوصاً في هذا الشهر، أنا شخصياً أتوجس خيفة منه كون البعض لا يراقب نفسه ولا يراعي إلا ولا ذمة، يَعمُد إلى إشاعة الكذب تحت قناع (المزاح) أو كذبة أبريل وما أشد المزاح الذي يبدأ بكذبه وينتهي بعداوة.
يأتيكَ اتصال يحمل تهديداً أو رسالة "إس إم إس" فتلوح بالأفق بوادر المصائب ويحدثك شيطانك أن هناك شراً يُحاك لك، تسارع إلى مواجهة الموضوع بنية صافية، يصدمونك بألفاظ بذيئة ومواقف شرسة في نهاية الأمر خيط الود أنقطع والموضوع كله (كذبة أبريل)..
يوماً ما ظن لي أن الكذب ضرورة يسلكها البعض في الأزمات، لكنه بات اليوم عادة قطعها عداوة والسبب أننا تعوّدنا عليه كثيراً ولو بدافع المزح..
كل ما نحتاجه في شهر الكذب وأيام السنة كلها أن نصدق أنفسنا كثيراً ونَصدق معها ومن ثم نحاول تقليص كذباتنا بتقليص الفجوة بيننا وبين أنفسنا ومحاولة إنقاذ ألسنتنا من حبل الكذب القصير وغمسه بماء الصدق الذي وإن كان طعمه لاذعاً إلا أنه شفاء وطريق آمن وصحيح .
أحلام المقالح
للكذب عنوان 2034