إذا كانت الأمة الواحدة تمثل جسداً واحداً، فإن إرادة ذلك الجسد يجب أن تكون واحدة، والجيش هو العمود الفقري للوحدة الوطنية الممثل لتلكم الإرادة، ولا يجوز أن تتنازعه إرادتان إرادة تتبع الرئيس المنتخب وإرادة تتبع الرئيس السابق، فلا يجوز بحال من الأحوال أن يكون الجيش اليمني منقسماً، فالمهمة الوطنية اليوم تأتي من خلال تذكر حقيقة ولاء الجيوش للشعوب لا للأفراد لقد انجاز الجيش الوطني التونسي لخيار الشعب، ومثله فعل الجيش الوطني المصري، فكانا مثالين للجيوش الوطنية الحقيقية.

إن الوحدة الوطنية مسألة وجود بالنسبة لليمن، وهي محل اتفاق عند كل القوى الوطنية، وموقف مبدأي لدى جميع اليمنيين، وقد ظهر ذلك جلياً في يوم 21 فبراير 2012م حين خرج الشعب اليمني بجماهيره العريضة وحشوده الهادرة وسيوله البشرية المتدفقة ينتخب مرشح الإجماع الوطني المشير الركن عبد ربه منصور هادي، ولم يشذ عن ذلك الإجماع سوى أزلام صالح من جماعات العنف المسلح في شمال الشمال وجنوب الجنوب، من القتلة الذين يسفكون الدم الحرام ويزهقون الأنفس البريئة.

إن اليمنيين أنجزوا توحيد الإرادة السياسية بانتخاب الرئيس هادي، وعلى هذه الإدارة السياسية المنتخبة أن تقوم بواجباتها الوطنية في حماية الوطن والمواطن، وهو ما يتطلبه وجود إرادة واحدة تتلقى منها وحدات الجيش اليمني أمرها وفق القوانين النافذة؛ أي: من خلال توحيد الجيش كله تحت قيادة القائد الأعلى الرئيس هادي وحكومة الوفاق الوطني ممثلة في وزارتي الدفاع والداخلية، فلا يمكن للإرادة السياسية أن تكون واحدة والجيش واقع في قبضة العائلة، فلكي تسير عجلة التنمية يجب أولا: توحيد الجيش، ولكي تستقر الأوضاع في اليمن يجب أولاً: أن تكون المؤسسة العسكرية والأمنية كلها تحت قيادة الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني، فإذا تنازعتها إرادتان فسدت، وأعاقت كل مجالات التنمية وكل خطوات الاستقرار.

وللحقيقة نقول: إن جزءاً كبيراً من الجيش مختطف، ويجب على الرئيس المنتخب بوصفه رئيساً للجمهورية أن يعيد الجيش إلى حضن الوطن، فهذه مهمة وطنية لها أولويتها الخاصة، وبحيث يعاد النظر في كل المناصب التي منحت بسبب القرابة أو المصاهرة أو القبيلة، وكأن الجيش صندوق حلوى يقسم على الأقارب والأصحاب، والعودة بالجيش والأمن إلى المعايير الوطنية، فلكل منصب توصيف وله صلاحيات، وله قانون ينظم صلاحياته وحدودها.

إن هنالك كثيرين من ذوي الكفاءة والقدرة تم استبعادهم وحرمان الوطن من إمكانياتهم وقدراتهم، لأجل أفراد العائلة أو من لهم صلة بالعائلة، في مخالفة صريحة للدستور والقانون، وقد آن الأوان أن تحكم القوانين النافذة وأن تطبق على كل المناصب؛ لكي تصل الحقوق إلى أهلها، وهذه خطوة مهمة في طريق تصحيح الأوضاع، فمخالفة القانون هي التي أوصلتنا إلى المشاكل العويصة، ومن خلال تطبيق القانون، تستطيع اليمن تجاوز المصاعب الشاقة،والصعاب الكبيرة.

إن الجيش اليمني العظيم أكبر من المؤمرات، وأعظم من نزوات أصحاب النفوس المريضة الذين يريدون الانتقام منه لمواقفه الوطنية في الانضمام إلى الثورة وحمايتها سلميا، وإن حماية الجيش واجب وطني على القائد الأعلى الرئيس هادي أن يقوم به وأن يبذل في سبيل ذلك قصارى جهده.

إن الشعب الذي انتخب الرئيس هادي بنسبة تجاوزت 99% من الهيئة الناخبة، يقف معه صفاً واحداً في إنجاز المهام الوطنية الأساسية وفي مقدمتها إعادة الجيش إلى حضن الوطن، وهذه المهمة الضرورية لا تأتي بالأمنيات ولكن بالقرارات.

 لقد اختارك القدر يا سيادة الرئيس هادي لمرحلة من أهم مراحل تاريخنا الوطني المعاصر، ووهبك القدر آلة الثورة لإنجاز المهام الوطنية، ووصل جناحك بمناضل كبير في حجم الوطن هو الأستاذ محمد سالم باسندوة، ومنحكم قبولا في الداخل الذي أظهرته الانتخابات التي أعطتكم شرعية لا يمكن التشكيك فيها والخارج الذي يهمه أمن وسلامة اليمن لأن في ذلك أمن وسلامة الإقليم والعالم، وهذه الأمور في مجموعها واجتماعها تشريف وتكليف، والوطن اليوم ينتظر منكم الكثير والكثير، وإنكم لجديرون أن تبادروا جماهيره بصدق توجهاتكم بتحقيق أهداف هذه الجماهير وتطلعاتها وهي التي خرجت بالملايين لانتخابكم، مؤكدة بذلكم الانتخاب ولاءها للوحدة اليمنية، والتحامها الكامل مع قيادتكم لها للدخول في زمن اليمن، بعد أن عانت طويلاً من زمن الفرد، وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.