لا بد من التذكير هنا أن صندوق النقد الدولي كان إبان حدوث الأزمة المالية العالمية منتصف عام 2008م في حالة تراجع، لأن الطلب على القروض كان منخفضاً والصندوق واجه نقصاً في مصادر الدخل، والصندوق معني بإيجاد حلول منسقة عالمياً للمشاكل المالية والاقتصادية: مثل مواجهة الأزمات في حالة اضطراب مالي عالمي، كما حدث في الفترة الأخيرة تدفق رأس المال تغير بشكل مفاجئ مستبباً في مشاكل إقراض وأخرى في ميزان المدفوعات وسعر صرف غير مستقر، النظام المالي العالمي يحتاج إلى إجراءات حماية على شكل قروض وتدفقات رأسمال من شأنها أن تحد من انعدام الاستقرار وتحافظ على إمكانية الوصول إلى التمويل عبر النظام، وكان يتوجب على صندوق النقد الدولي قبيل الأزمة أن يكون قادراً على القيام بالمهمة الاحترازية.
تعد القضية الأكثر أهمية المطروحة على الأجندة الاقتصادية العالمية إعادة توازن واستعادة الطلب العالمي، أي إيجاد أفضل طريقة لتحفيز التنسيق العالمي، سرعة تقليص الاستهلاك المفرط في الولايات المتحدة نتيجة الأزمة يجعل مواجهة هذا التحدي مسألة ملحة جداً، حيث أنه برنامج إعادة توازن سوف يكون النمو دون المعدل المطلوب، ومن الصعب إعادة التوظيف على قاعدة مستدامة، برامج التحفيز الحكومية قدرتها محدودة على إعادة الطلب والاقتصاد العالمي يحتاج لدعم النمو وتقليص الادخار المفرط، كما يتطلب الأمر أيضاً أن تضع الدول ذات العجز والدول المتقدمة بشكل عام استراتيجيات نمو واقعية تتضمن تغييراً هيكلياً واستقراراً مالياً، ولتلبية حاجات الاقتصاديات الصاعدة ومصالح الدولة المتقدمة وإيجاد نظام جديد يكون ضرورياً يتم فيه ضبط أسعار صرف العملات ويتم تعديلها وفقاً للمعايير التي تحقق توازن النمو المحلي مع الاستقرار العالمي.
الصندوق رسم صورة وردية لاقتصاديات الدول العربية متوقعاً انتعاشها في أشهر مقبلة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، ولم يستبعد الصندوق أن تحقق المنطقة العربية معدلات نمو تصل إلى 4.1 2010م، ونحو 5.1% عام 2011م، وتشهد اقتصاديات الدول المصدرة للنفط تسارعاً في معدلات النمو خلال العامين المقبلين، في ضوء ارتفاع إنتاج النفط والغاز، فضلاً عن الاستثمارات الكبيرة في قطاع البنية التحتية والتراجع في معدلات التضخم، والفائض المجمع للحساب الجاري لاقتصاديات الدول المصدرة للنفط في المنطقة سوف يرتفع "80" بليون دولار بين الأعوام 2009م و2011م بناء على الأسعار الحالية للنفط، منها "50" بليوناً فوائض دول الخليج ارتفاع الناتج المحلي في الدولة العربية المصدرة للنفط 50% عام 2011م مقابل أو 1% عام 2009م، وزيادة إنتاج النفط الخام إلى "26" مليون برميل في اليوم خلال عام 2011م، معدل الإنتاج الحالي للمنطقة عند مستوى "25" مليون برميل، ويرجح نمو معظم إقتصادات الدول العربية خلال عامي 2010 و2011م، في دراسة أصدرها صندوق النقد الدولي مؤخراً أشارت إلى أن توحيد القوائم المالية سيقود إلى إنعاش النمو الاقتصادي، ويساعد العملة الضعيفة وقوة طلب الصادرات وخفض معدلات الفائدة، وهي العوامل التي تفتقدها معظم إقتصادات الدول المتقدمة في تخفيف حدة آثار تدابير التقشف، وإنه وعلى المدى القريب ستحد الارتفاعات الضريبية وخفض الإنفاق الحكومي من معدلات النمو، بالإضافة إلى زيادة نسبة البطالة.
وبصدد أن تستأنف الاقتصادات العربية نموها في 2011م فإن الأدوات التي استعملت في سبيل دوام النمو واستمراره أدت إلى مديونية مسمومة نجم عنها انهيار الأسواق المالية، وإلى اليوم لا تزال دينامكية الأزمة فاعلة، والتوسع النقدي غير المقيد في طبيعته لا يواتي الاستقرار، وإلى هذه العوامل يلاحظ أن سعر النفط استأنف الارتفاع، والوجه الآخر للمسألة، يتناول أثر النمو في البيئة، فزيادة الفاعلية في إستهلاك الطاقة لا تزال دون التوسع الاقتصادي، وتيرتها أضعف من ويترته.. هناك ثلاثة مسالك بخصوص النمو:
1. يفترض الإقرار بأن التوسع والنمو الاقتصاديين غير مطلقين، وهما مقيدان بحدود لا سبيل إلى تجاوزها.
2. يفترض تنظيم السوق المالية، وضبط سياسة الاستثمار والربحية عموماً، فأصحاب رؤوس الأموال يوزعون الأرباح على هواهم.
3. تغيير المنطق الاجتماعي وفي وسع أي حكومة التأثير في بنية البواعث الاقتصادية والاجتماعية عن طريق إتاحة فرص تفتح غير مادية، ولا تقتصر على الكفاية المادية.
4. هامش:
1. السياسية العدد "21058"4/10/2011
2. الحياة العدد "17356" 11/10/2010.
3. الحياة العدد "1737" 25/10/2010
4. الحياة العدد "17381" 5/11/2010.
5. الحياة العدد "17456" 19/1/2011م
6. الاتحاد الاقتصادي 17/10/2010م.
7. الاتحاد الاقتصادي 7/11/2010م.
د.علي الفقيه
صندوق النقد الدولي.. دور البصارة 2133