الواضح للعيان أن الجسد اليمني يتعافى بحمد الله تعالى برغم الجراح، ومظاهر تعافيه بادية للعيان، فالجسد اليمني يسترد شعور الجسد الواحد، والاصطفاف الوطني يزداد تماسكا، والاحتكام إلى حي اليمن وإلى صوت الحكمة يرتفع خيارا أساسيا، ونهجا ممتدا من أقصى اليمن إلى أقصاه، وهذا ما أفقد المؤامرات الخبيثة من ذوي الشيطنة وأتباع إبليس من أكابر مجرميها قدرتهم على التوازن فتخبطوا يعمهون في ضراوة القتل، وبؤس الجريمة، بعد أن عزلهم الشعب بالتحامه مع الرئيس المنتخب في أكبر تظاهرة حب لليمن حين خرج ست ملايين وستمائة ألف يمني ويمنية يدلون بأصواتهم للرئيس عبد ربه منصور هادي.
إن الجسد اليمني يتعافي برغم الجراح، فها هي الكهرباء تكاد تغطي ساعات اليوم كله، وها هي القرارات الصحيحة تحافظ على أراضي اليمن كما فعل محافظ عدن، وها هو صوت الولاء للوطن يظهر جليا في خطابات وزيري الدفاع والداخلية ولأول مرة يكون المقصود بالولاء لليمن الولاء لليمن فعلا وليس الولاء للوثن، وها هي برامج الإعلام الرسمي تحاول أن تقدم شيئا مفيدا ولم ترق بعد إلى أن تجسد حب اليمن بما هو مطلوب منها، وبما هي قادرة على فعله.
إن الجسد اليمني يتعافى، فرئيس الوزراء يحيي العاملين في المشاريع الحيوية دون أن يذكر توجيهات زعطان أو فلتان، فقد تحرر منصب رئيس الوزراء من وظيفة ساعي البريد وناقل التحايا التي سجن فيها هذا المنصب المهم على مدى ثلاث وثلاثين سنة، وهذا مكسب كبير للوطن، فهذا المنصب السيادي يعود بحيويته إلى الواجهة، ويضخ قراراته عافية في جسد اليمن، بقدر المستطاع.
إن الجسد اليمني يتعافى، فالرئيس يتكلم مما هو مكتوب، فدخلت اليمن مرحلة الفكر المدروس والخطاب المسئول، ولم تعد الخطب الارتجالية واردة في الفعل المهم للقيادة المنتخبة، فالاتزان والحكمة تتطلبان أن يكون الخطاب واعيا، وتخلصت نشرة الأخبار من الحيث عن العبارات الاستبدادية التي تتحدث عن توجيهات فخامة فلان بكذا، وأخذ الرئيس المنتخب يزرع ثقافة جديدة في الأذهان هي ثقافة سيادة القانون، وقد تجسد ذلك في لقائه بمنتسبي السلطة القضائية، ورأينا الرئيس المنتخب يولي اهتمامه للحاضرين وليس للمصورين، لما يجب عليه قوله، لا لما يحب قوله، وبهذا تكون اليمن وضعت قدمها في طريق تحمل رئيس الجمهورية لتبعات منصبه، وهذا مكسب كبير لليمن، فاليمنيون يعقدون آمالاً عريضة على الرئيس المتعلم، وينتظرون قرارات تعيد اليمن إلى حضن الدولة، بعد أن اختطفتها الأيدي العابثة في المؤسسات المدنية والعسكرية.

إن الجسد اليمني يتعافى ونحن نسمع تصريحات مسئولة للواء علي محسن صالح يعلن فيها خضوعه للقضاء العادل شاهداً أو محاسباً، وهو موقف وطني نبيل، فكم بين من يطلب الحصانة ومن يبدي استعداد للمثول أمام القضاء والامتثال لأوامره، وهذه المواقف الأخلاقية الرفيعة هي ما يجب أن يتملكه كل من يتولى الوظيفة العامة، فهل يستطيع أحد من بقايا الفساد أن يقول ما قاله اللواء علي محسن، وها هو يقول في تصريح قريب: من يثبت أن له أملاكاً وعقارات في عدن غير بيته فهي له.. فهذه هي الوطنية التي يتمتع بها قيادات الجيش الوطني الحر، وهي أخلاقيات جيش اليمن عبر الزمن، لولا الآفة التي أصيب بها جيشنا حتى أصبحت البندقية اليمنية تتوجه من بعض وحدات الجيش اليمني تقتل المواطن اليمني.
إن الجسد اليمني يتعافى ولكن هذه العافية مشوبة ببعض الدخن الذي يعيق الحركة نحو البناء، فها هي جامعاتنا وأساتذتها يخيمون للأيام والأسابيع والأشهر يأتون من البيضاء وذمار وعمران إلى أمام وزارة التعليم العالي ورئاسة الوزراء وأمام بيت الرئيس المنتخب، يشكون ما يقع عليهم من ظلم من قياداتهم، فاسمعوا منهم فإن كانوا أهل حق فأنتم أولى من يستجيب له، وإن كانوا غير ذلك فالزموهم جادة الصواب بما عرف عنكم من الحكمة، ولا تذروا جامعاتنا كالمعلقة، والمحافظات التي تشتكي القتلة بقاؤهم يفتك بجسد اليمن.
إن اليمن يزيل كل يوم حجراً عثرة من طريق البناء بإزالة الفاسدين، ويقطع شوطا إلى الأمام كلما اتخذ رئيس الجمهورية المشير هادي قرارا يضع فيه الرجل المناسب في المكان المناسب، من المناسبة وليس من النسبة كما كان في العهد البائد.
إن اليمن تحصن نفسها اليوم وهي تحصن أطفالها من الحصبة وشلل الأطفال، فهي أولى أن تحصن نفسها من فيروسات بقايا النظام الذين يريدون أن يخربوا اليمن تارة باسم الدين وتارة باسم السلالية، وثالثة باسم الحراك المسلح، وهذه الأوبئة الضارة تبث سمومها، ولا بد من حملات تحصينية فشعبنا شعب طيب يتفاعل مع الحق، وتتضافر جهود جماهيره مع البناء، ولكن ذلك مرهون بتوفيق الله عز وجل ثم بالسير قدماً نحو الصواب، فكل جيل يولد بشياطينه، وعلى كل جيل أن يحارب شياطين جيله، وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً.