كأي جمعية خيرية أو مشروع تطوعي أو أي فكرة تحاول البناء وتقصي فكرة الهدم يحدث أن يتم التعامل مع مشاريع محو الأمية في بعض القرى والأكثر من ذلك أن يتم محاربة هذه الصروح الصغيرة التي تحاول أن تربأ بالإنسان من السير في قطعان الهمل والرعية التابعة إلى صفوف تقف في فناء النور، تاركة أفنية الظلام التي حاكتها سياسات وعادات وأعراف جائرة أبقت تلك المجتمعات في الظل ولم تتح لها فرصة الرؤية الثاقبة.
مراكز محو الأمية في بعض القرى تستهدف لنشر الأمية وتسخر للانقلاب على الكتاب والثورة على القلم والانخراط في سلك السياسة والتنظيم والتنسيب وجمع الأصوات التابعة لفلان أو علان من الناس.
في تلك أو بعض تلك المراكز يتم استغلال جهل الناس - ذكوراً وإناثاً- لصنع فطائر المصلحة التي يلتهمها الكبار ويستثنى منها الصغار الذين رغبوا يوم خرجوا من ديارهم أن يجدوا من يعلمهم شيئاً من العلم وبعضاً من المعرفة.
جملة "نحو الأمية" التي يلفظها البعض ببراءة من أصحاب القرى تكاد تكون مطبقة على أرض الواقع التعليمي في اليمن، ابتداءً بمناهج لا تلبي احتياجاتنا المعرفية مدرسياً وأخرى لا تلبي تطلعاتنا المستقبلية جامعياً، ووصولاً إلى أطماع همجية رخيصة لا تعطي للأمي ولا لمن يحمل نفسه مسؤولية تعليم هذا الأمي أي حق مادي أو أدبي أو إنساني أو وطني.. سمعت الكثير من معلمات محو الأمية يشكين من رواتب ضئيلة جداً يتساوى فيها راتب عامل البلدية وأستاذ القرآن الكريم والكاتب الصحفي ومعلم محو الأمية، نعم فنحن في وطن يتساوى فيه الإنسان والحيوان ما دام كلاهما يمضغ الورق الأخضر ويجتره ويبصقه ثم يعيد التهامه من جديد.
أين هو القانون الذي يحمي تلك الشرائح التعليمية والفكرية؟! أين هي الحكومة المفكرة التي تترك العمل المكتبي وتتجه للميدان، مستعينة بأفكار وآراء واقتراحات الشباب والشابات بهدف تحسين مستوى الآلية القانونية التي نقرأها على ورق ولا نجدها على الطرق؟!.
محو الأمية مهمة سامية وخدمة جليلة يقوم بها أشخاص رغبة في تحرير هذا الوطن من عبودية الجهل.. ومع هذا لا يحصلون على أي لفتة كريمة بصرف مستحقات تغطي احتياجاتهم المعيشية، بل إنهم يعانون حجز رواتبهم والالتفاف عليها من قبل موظفي المديريات المختلفة في ظل حكم مركزي يمجد رأس الأفعى ويتجاهل الجسد.
من قمتنا إلى قاعدتنا نعاني من الفساد ولهذا ندعو لثورة أخلاقية ضد الفساد لا تقتل ولا تعتقل ولا تنفي ولا تخرب، وإنما تبني بكلمة الصدق والقانون الذي يحمي كلمة الصدق تلك ما هدمته سنوات طويلة من العنف والتهميش واللامبالاة.
يا هؤلاء انظروا لقضية محو الأمية تلك من زاوية قاعدية حتى يكون هناك أساس قوي لبناء هرم اجتماعي متعلم وحاصل على نوع من المعرفة مهما كانت بساطته.
ألطاف الأهدل
محو الأمية التي أصبحت نحو الأمية 2173