قبل هبوب عاصفة الفوضى أو الفتنة أو الأزمة السياسية كانت رؤوس الأموال المتوسطة تشغل من قبل المالكين لتأسيس مدارس أو مستشفيات خاصة حتى فقد التعليم بريقه وتألقه وأصبح الطلب مهنة تجارية تقوم على أساس وضيع من الربحية اللامشروعة والتي تتخذ أرواح الناس رأسمالاً ثابتاً لها قابلاً للنقص وغير قابل للزيادة وفق قائمة المال والأعمال المدرجة على أجندة الحياة الدنيا، لكن بعد أن هدأت العاصفة قليلاً وسقطت الأقنعة عن بعض الوجود التي أرادت الفتنة وأراد الله لهذه الأزمة أن تحط رحالها على أرض المبادرة التي تخدم تطلعاتنا ومصالحنا كاملة بقدر ما خدمت تطلعاتها الإقليمية في المنطقة على أساس سياسي بحت لم تتجاوز فيه الإنسانية نسبة الأكسجين في الماء!.. بعد تلك المرحلة أصبح كل من لديه رأس مال سياسي أو قبلي أو أيديولوجي بسيط يطمح لتأسيس حزب مستقل - في توجهاته وبرامجه وهيكلته - عن الأحزاب الأم التي عقها أبناؤها حتى أصبحوا يؤمنون ببعض ما فيها ويكفرون ببعض!.. حالة الانقسام أصحبت طابعاً مميزاً لمؤسسات وجماعات وتنظيمات وأحزاب وأصبح المرء منا يحتار في انتقاء ما يجول في خاطرة من أفكار تعبيرية حول هذا أو ذاك خوفاً من أن يمس مشاعر هذا أو ذاك بما يكره أو يتسبب بفتنة لا تخدم دنيا الإنسان منا ولا آخرته.
أصبح لكل جماعة أجنحة ولكل حزب (عُش) ولكن الجميع لا يطير ولا يبيض ولا يغرد ولا يكسو ظاهره الريش!.. تعددت الأحزاب والانتماءات والجماعات والتكتلات والائتلافات والجرح لا زال هو الجرح، ينزف حتى تصبح الأرض دونه خاليةً من أي لون، جرحنا كبير لن تلئمه أحزاب ولن تداويه انتماءات ولن تخفي معالمه جماعات، جرحنا كبير لأن الوطن ما عاد هو الأم، والافتداء بالروح ما عاد هو الهدف والتضحية لأجله ما بقيت هي الغاية، جرحنا كبير لأن منا من رضي أن يكون وقوداً لنارٍ تأكل أخضر الوطن ويابسه، وجرحنا كبير لأن من بيننا من كان أهله وماله أحب إليه من الله ورسوله، ثم وطن يمكن أن يكون ملاذاً للجميع، وجرحنا كبير لأن عقلاءنا وكبارنا ومثقفينا لم يكونوا بقدر المسؤولية، فلم يؤدوا الأمانة ولم يبلغوا الرسالة، جرحنا كبير لأن كل قوي احتمى بمن هو أقوى وبقي الضعفاء يجرعون كأس الموت يومياً بعد يوم حتى اكتمل نصابهم آلافاً والله وحده أعلم بما في علم الغيب، جرحناً كبير لأن بعضنا باع والآخر دفع الثمن دون أن يبيع.. فأين هو العدل والقانون فيما يحدث؟! أين هي حكمة اليمانيين؟!! أين هو إيمانهم؟! أين اعتقادهم بقدسية هذا الوطن؟!.. كثيراً ما سمعنا عن مواقف ورجولة وشهامة ونخوة لكننا لم نرها تطبق على أرض الواقع كما كنا نعتقد، فهل آن الأوان لبعضها فقط بعضها؟..
ألطاف الأهدل
تعددت الأحزاب والجرح واحد! 2196