;
الشيخ/ عمار بن ناشر
الشيخ/ عمار بن ناشر

السلفيون والعمل السياسي 2305

2012-03-21 05:46:25


إنشاء كيان سياسي تحت اسم "اتحاد الرشاد اليمني"بعد انعقاد المؤتمر السلفي الذي تداعى له كوكبة من قادة الدعوة السلفية من قصائل مختلفة حدث كبير وهام تشهده البلاد بعد الثورة المباركة، هذه الخطوة الشجاعة الواعية جديرة بالمباركة والإشادة من لدن كل العقلاء الحريصين على مصالح الدين والوطن والثورة والدعوة السلفية والتي اقتضت الظرف الحساس والمرحلة العصيبة التي تمر بها البلاد والمنطقة أسوة بإخوانهم في حزب النور السلفي بمصر والذي تمكن في ظرف أشهر قليلة من رص صفوفه وتنظيم شتاته، فيحظى بثاني أكبر نسبة من الأصوات في مجلسي النواب والشورى بعد إحداث مراجعات فكرية وسياسية شجاعة.
ولعل من أبزر وصايا المؤتمر "دعوة الأطراف المختلفة إلى الحوار المنطلق من ثوابت الأمة" "وإدانة الخيانات الوطنية وأعمال العنف والتخريب وقتل الأبرياء" وهي إشارة واضحة إلى أهم أهداف العمل السياسي السلفي وتتضمن المحافظة على المصالح الخمسة التي جاءت الشريعة يحفظها "الدين والنفس والعقل والعرض والمال" وهي بمثابة إعلان حرب باردة على أعمال العنف وتقسيم البلاد وشتى صور الفساد.
ولذلك فلا عجب أن يحظى المؤتمر باستحسان كبير لدى سائر الاتجاهات الدينية والوطنية وحكومة الوفاق واللقاء المشترك وبالأخص حزب الإصلاح، حيث سيشكل الجميع ـ رغم الاختلاف في البرامج والمناهج والأساليب ـ صخرة صلبة في وجه المؤامرات الخارجية وغلاة العلمانية الليبرالية وعاملاً مهماً في جمع الكلمة وتقريب وجهات النظر وتذوب في غمرة التحديات والتعقيدات السياسية الكثير من الخلافات الوهمية والنظرة المثالية غير الواقعية وسيسهم الحزب السلفي في تحقيق التوازن وتصحيح الأخطاء في نفسه وغيره وفي مراجعة الكثير من السياسات على ضوء ما عرف عنه من الحرص على الثوابت والالتزام العصامي، كما هو المأمول فيه أن يكون عامل إثراء وتكامل وتنوع وإضافة، كونه يمثل شريحة وطنية مهمة في المجتمع وفي مشاركته في العملية الديمقراطية أبلغ الردود العملية على ما كان يردده الإعلام من اتهامات كاذبة للسلفيين "بالغلو والفكر الإقصائي والتكفير والإرهاب"، كون المشاركة تمثل اعترافاً صريحاً بانتهاج الطرق السلمية في التغيير والوصول إلى السلطة وبالحوار والقبول بالآخر والنقاش السلمي والتعاون واحترام إرادة الشعب وصناديق الاقتراع والانتخابات، دخولاً في اللعبة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وتعدد الأحزاب وعدم الخروج على قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن "مع احترام خصوصيات البلاد والدين كسائر الثقافات" وهذا تطور لافت في الفكر السلفي بعد أن كانت "الديمقراطية" تشكل عقدة وحاجزاَ عن العمل السياسي، كونها تعني حكم الشعب للشعب وتتضمن إعطاء السلطة التشريعية لغير الشرع مما يصادم ثوابت الدين عند كل مسلم فيما يظهر، إلا أن الديمقراطية في البلاد الإسلامية تخضع لدستور البلاد الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة وهو المصدر الرئيسي للتشريع لا سيما الدستوري اليمني الذي يعد الإسلام مصدر كافة القوانين والتشريعات، مما يجرد الديمقراطية من أي مضمون يخالف الشرع كما يتهم في كبح جماح الحكم الفردي وتقليم أظافر النشاط السياسي وتعطي الشعب حق محاسبة حكامهم وعزلهم وتغييرهم حالة انحرافهم، كما أنها تكفل الحقوق والحريات العامة والشرعية، مما يفتح المجال واسعاً للإصلاح العام في العلم والدعوة والاقتصاد والفكر والسياسة...إلخ.
وفي شرعية "اللقاء المشترك" خلاف مشهور بين الإسلاميين كونه عند البعض جمعاً بين المناهج المضادة "والضران لا يجتمعان" وفي رأيي المتواضع أنه إذا جازه "حلف الفضول" فجواز "اللقاء المشترك" من باب أولى، كون حلف الفضول الذي عقده رسول الله مع زعماء الشرك في الجاهلية واثنى عليه في الإسلام كان لغرض نصرة المظلوم وأن كان شركاً ـ وكان أول المستفيدين منه رجل يماني من زبيد، فأرجع له الحلف أجرته من "العاص بن وائل"، فكيف بالتحالف السياسي وتقاطع المصالح مع من الأصل فيهم الإسلام والوطنية أيضاً لعدم رضوخهم للإغراءات والتهديدات.
وهؤلاء يعدوا تطبيقاَ لقوله تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى" وذلك في مناهضة الظلم والفقر والفساد والاستبداد؟ ويجب أن تدرك الجهات المتخوفة من إنشاء هذا الكيان حقيقة أن يعمل الخصوم السياسيون في العلن خير من عملهم في الخفاء، وأن يلزموا بالقوانين خير من شريعة الغاب والعمل السلمي خير من اللجوء إلى السلاح والعنف، وعجيب وقبيح أن يتهم البعض هذا الكيان في وطنيته وتبعيته للخارج فليعلم المتابع للخطاب السلفي من التزام المنهجية الشرعية ونصرة الثورة الشعبية وأما الاتهام التناقضي في الطرح فذلك من باب "المراجعات" و"فقه الرحلة"، "فكل بني آدام خطاء" وكما قال عمر "فإن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل" بل المراجعة دليل صدق وشجاعة ومتابعة وتواضع ونبذ للتعصب والتطرف والجمود الفقهي والفكري، لاسيما بعد الاطمئنان إلى نزاهة الانتخابات وصناديق الاقتراع وسجلات الناخبين بعد الثورة.
وأخيراً سيبقى التذكير بضرورة توفير رؤية شرعية وإستراتيجية وعقيدة سياسي واضحة تجاه المعضلات السياسية وتوفير مرونة أخلاقية في التعامل مع الحوار والخلاف والمخالف وتفعيل المشاركة النسائية واحتواء عموم الناس "كونهم مشمولين بالدعوة وأرقام لايستهان بها" وإتاحة المجال لجيل الشباب في القيادة والعمل والحذر من الرضوخ للضغوط الخارجية والداعمين الرئيسيين من فتات السلطان وفي خضم ما يكتب العمل السياسي من دهاليز وسراديب مظلمة وتعبيرات شائكة حتى لا تخلو الأمور من جملة مفاسد تحتاج إلى فقه الموازنات ومراعاة الأولويات والمآلات وتذكر أن معيار الشرعية السياسية هي في توخي رضا الله ونصره الدين ورعاية حقوق المستضعفين والحمدلله رب العالمين.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد