في الشيخ عثمان برزت ظاهرة خطيرة وهي تعرض المارة للسلب من قبل جماعات اتخذت من هذه السلوكيات وسيلة أو مهنة اعتيادية ويومية لكسب لقمة العيش وتأمين حق القات، ربما شجعها على هذا الأمر البعد عن بيوت الله وغياب دور الخطباء والوعاظ وكذا صمت الجهات المعنية وعدم أخذ ما يتعرض له المواطن بنوع من الجدية ليصل الضحايا إلى العشرات يومياً، بل وصل الأمر إلى قيام تلك الجماعات بتشكيل عصابات من الرجال والنساء يتوزعون في كثير من الأماكن المزدحمة بالمارة، حيث هيأت لهم بيئة خصبة لمزاولة المهنة صباحاً ومساءً بل وحتى بيوت الله لم تأمن شرهم..
والحقيقة أنه ربما كان علي الكتابة عن هذه الظاهرة منذ عهد بعيد وبمجرد علمي بها وتحديداً من شهر رمضان، إلا أنني تردت لاعتقادي حينها أنها ظاهرة فردية وليست بذات أهمية ولا خوف منها إطلاقاً وأقنعت نفسي بذلك واعتبرتها نوعاً من الإسهام في إطفاء جوع شخص وإن كان لصاً قد أجبرته ظروفه على ذلك بعد أن ضاقت به السيل ودفعته لهذا السلوك المشين الذي يخالف تعاليم الدين، فالجوع كافر كما يقولون لكن يبدو أن الظاهرة نمت بشكل كبير ومخيف وخرجت من طور العفوية إلى طور التربص بالعباد ونهب ما بحوزتهم من نقود أو جوالات أو مركبات ثم التهديد بالفضيحة والاعتداء والضرب إن احتج أو تكلم في حال وقوعه ضحية لإحدى النشالات والتي ما إن تصرخ وتستغيث حتى يهب زملاء المهنة لنجدتها بدافع النخوة. كما سيظن المارة لجهلهم بحقيقة ما يدور ولك أن تتخيل حال الضحية بين نارين نار السرقة ونار الفضيحة والافتراء المباغت وحينها وتفادياً لهذا الموقف يكون مرغماً على الصمت وهو أمر تكرر حدوثه مع أشخاص محظوظين اكتشفوا الجناة فور الاعتداء واكتفوا بذلك وآخرين حالت دقائق معدودة دون استرداد ما سلب منهم.
بينما هناك عشرات الأشخاص يفقدون جوالاتهم ويتعرضون لنشل المحفظات وبشكل يومي ومن دون أن يشعروا بذلك، لما يمتاز به أولئك اللصوص من مهارات وخفة يد أكانوا في الشوارع المزدحمة أو وهم يفتعلون العراك، فيتدخل هذا لفض النزاع فإذا به قد وقع في الشراك وليس هذا فحسب بل وصل الأمر إلى الملاحقة وبباصات أجرة، كم تحدث أحدهم لم تكن وجهتي وجهتهم ومع ذلك غيروا رأيهم، فصعدت معهم فجلس أحدهم عن يمني والآخر عن يساري رغم أن الباص لم يكن فيه سوى هؤلاء والسائق وانطلق الباص ثم توقف فجأة واعتذروا لي ونزلت ثم انطلق الباص بسرعة فائقة لأكتشف أن جوالي قد سرق مني.
بقي أن ننوه بأنه ينبغي توخي الحيطة والحذر لمن يقصد تلك الأماكن المزدحمة وبالأخص من يمتلكون المقتنيات الثمينة وكذا الوافدين من المديريات النائية رجالاً كانوا أم نساءً..