حب الأوطان من الإيمان وعلى جدران التضحيات تكتب المعاناة ومسكين من يظن أن التاريخ سيرسم اسمه وهو لم يكن له من الفداء نصيب و تسابقت الشعوب للثورات وكل ثائر اغترف له حفنة من الألم وفي يمننا الحبيب جدف المجدفون في بحر المعاناة في ثورة البن، لكن التاريخ لن يغفل عن منعطف خطير وحدث جلل نعيش ذكراه هذه الأيام إلا وهي جمعة الكرامة والتي كانت بمثابة (((طعنة الخاصرة)))للنظام التي تساقط فيها الثوار ظلما كالفراش حول المدفأة في ذلك اليوم المشئوم والذي خطط له السفاح بدهاء ومكر .
فكأني بتلك الأيادي المتوضئة وهي تشق طريقها إلى مواجهة الموت وقد تسربلت أكفانها بعزة وإباء مرددة(( وعجلت إليك ربي لترضى)) حيث لابد من وضع حد لذلك الجدار الآثم الذي بناه شياطين القصور كرمز للكبت وتقييد الحرية لكن الشباب أعلنوا للدنيا انه لن تستطيع أي قوة في الأرض أن تتحداهم مادامت أنفاس الحرية تجري في دمائهم الثائرة, خرج الأبطال ليهدموا جدار الغدر والخيانة عزلا لا يلوون على شي إلا إيمانهم العميق بان الباطل مهما أطل برأسه شامخاً مستكبراً فلابد من وضع حد لصلفه وإن تبوأ من الترسانة العسكرية ما تكفي لغزو قارات برمتها ,مضى الثوار وقد تبايعوا بيعة الفداء وكأني بتلك الأرض الطاهرة التي يمشون عليها تقبل الأقدام اعتزازا بإنجابها لهم ولعل لعقارب الساعة موعد مع الأقدار يجهلها الأبطال وهم يسيرون إلى حتفهم ودقت ساعة الطغيان وعلى وقع رصاص الجبن بدأت الملحمة ووقع الفدائيون وثيقة الصمود بدمائهم الزكية تسابق أرواحهم سرعة رصاص الجلاد وتتزاحم أجسادهم الطاهرة لرسم معالم كرامة تنطوي مسافات الألم فيها ويذوب جليد الأسى في حناياها .
واندحر الطغيان أمام بسالة منقطعة النظير وسلوا إن شئتم ما قصة شباب جعلوا من أجسادهم جداراً يتلقى الرصاص ليعبر الشهيد تلو الشهيد من اجل هدم الجدار وانقشعت ظلمة الاستبداد وعلى مسرح الجريمة انتصر المظلوم على الظالم وهانحن على باب الذكريات نقف وقد اهلك الله السفاح فأبطال الكرامة قضو نحبهم وخلدت ذكراهم في سماء العزة والكرامة لكن الطاغي رحل بخزيه وعاره وهاهي أرواحهم في عليين تنادينا دمنا في أعناقكم وهاهي دماؤهم الزكية تناشدنا أن نسير على منوالهم وننبذ التفرقة ونمضي لتحقيق الأهداف.
أمين الحاشدي
وللكرامة قصة وعنوان 2272