التعقيدات على الواقع فعلية وليست وهماً، لكن ذلك لا يعني الاستسلام على حساب الوقت الذي هو رأس مال المرحلة الانتقالية، أن يمضي الأسبوع والأسبوعان ثم الشهر والشهران وينفد الرصيد الذي هو بكله أربعة وعشرون شهراً دون تقدم خطوة فعلية إلى الأمام وتحقيق أهداف الثورة.
لابدَّ من الشفافية من الحكومة ورئيس الجمهورية إلى جهة الاختصاص، الثورة التي مكنت عبد ربه منصور هادي من قيادة المرحلة وصوّت له اليمنيون بزخم شعبي لم يسبق له مثيل، الأمر الذي يفرض عليه أن يكون قوياً بقوة ذلك الدفع الشعبي ويستمد طاقته في الحركة من الشعب الذي وثق به أن يتخذ القرارات القوية والشجاعة لإخراج البلد من أزمته بعد نجاح الثورة وتحقيق هدفها الرئيس وأوكل إليه بناء وتأسيس دولة النظام والقانون.. التعقيد لا يقتضي من صاحب القرار أن يجعل من الوقت الخيار الوحيد لتجاوز المعوقات، فقد يكون الضغط لمزيد من التعقيد هو الحل وتحقيق الأهداف الوطنية.
من يعكر صفو فرحة تجاوزنا علي صالح إلى اليمن الجديد بدون صالح من خلال التصويت لهادي بذلك الكم الهائل والإرادة الشعبية المندفعة هي القلة التي لا تتجاوز بضعة آلاف على أكثر تقدير تتمنطق السلاح ولديها المال وهم الجبناء الذين لا يفصحون عن رغباتهم أمام الشعب لكنها تمارس الابتزاز السياسي على من أوكل إليهم الشعب القيام على الشأن العام من رئيس الجمهورية والحكومة والتهديدات التي تتخوف منها النخبة السياسية من منطلق وطني وحجة أننا بصبرنا قد تجاوزنا المراحل الأصعب ومن غير اللائق أن ينفد صبرنا في لحظة نحن والثورة والأهداف أقرب إلى النصر والتمكين وكل نظرهم إلى مصلحة الوطن وإشفاقاً على الثائرين والذين إن علموا بصلف (البقايا)، فليس لدينا ما نخسره ويربح الوطن والأجيال فلسنا الحيوانات التي لا هم لها إلى البقاء والمتاع فحياتنا ضمير وموتنا حياة وحياة وطن.
الشعب قادر أن يحمي إرادته إذا وقف على الحقيقة كما هي ويصدر أحكامه القاطعة بحق من يحاول اغتصاب حقوقه ويسير بالوطن نحو المجهول ويعمل على تنفيذها بحق من تسول له ذاته المساس بالوطن والمواطن.
يمكن القول أن الحكومة وكل من أوكل لهم القيام على الشأن العام واستلم دفة الوطن وقيادته نحو الخلاص من الوضع المأساوي إلى عتبات الأمل وضحى الإشراق هم اليوم يمثلون المانع بين الشعب وتحقيق أهداف ثورته.
فما الذي يدور في الكواليس والأيام تمضي والحمل ثقيل على كاهل الوطن والمواطنين؟ وكيف نستطيع أن نحمّل الحكومة والرئيس مسؤولية الوضع وهو الذي لا يملك تحريك الأجهزة الأمنية والعسكرية أو يطلق سراح أسير؟...
نحن لا نطلب ما لا يستطاع ولا نعتقد في الرئيس هادي والحكومة هما القوة المطلقة ـ استغفر الله ـ فالقوة المطلقة هو الله فقط، نريد أن نعرف الحقيقة وما الذي يجري بالضبط والشعب هو القادر والقاهر على ضبط كل من تسول له نفسه أن يكون فوق إرادة الشعب وتطلعه لكن (البقايا) وجدت من يوفر لها الفرصة لممارسة ذلك الابتزاز والشعب والثوار ليس لديهم المعلومة الكافية التي تبني القرار الثوري.
فالشعب والثوار بانتظار سماع الحقيقة عن العقبات ليقرر ما الواجب نحو الهدف أو اتخاذ القرار المناسب ويكون الشعب هو والثوار هو القوة التنفيذية إن لم تذعن الجهات ذات العلاقة لسلطة الشعب، ما الذي يفعله الرئيس هادي وحكومة الأديب الأستاذ محمد سالم باسندوة؟
الثورة اليوم يجب أن تكون أكثر ضغطاً وزخماً من ذي قبل، فإن لم تقال العائلة من المؤسسات الأمنية والعسكرية ويسارع في الخطى نحو الإنجازات التحوليّة و بناء الدولة فإننا نبي المزيد من الأسوار والعقبات أمام الأهداف الثورية، الأمر الذي يعني المزيد من التضحية التي ليس أقلها الوقت ـ الوقت الذي هو الحياة ـ وحتى تنطلق الحكومة والرئيس هادي نحو تنفيذ خططها في البناء لابدّ أن تملك السلطة فعلاً من خلال القدرة على توجيه الجيش والأمن في فرض سلطة النظام والقانون لتعمل مؤسسات الدولة وأجهزتها بشكل فعال، فالوضع الحالي وضع ابتزازي من (البقايا) ومناصريهم للثورة...
"حتى لو تخلينا عن السلطة فأنتم السلطة" هذه هي العبارة التي تحكمنا اليوم، أمام السنتين الانتقالية مهام كبيرة تقتضي كل دقيقة خطوات للأمام ...
لماذا شهداء الكرامة؟
لم يكن هناك أي سبب لارتكاب تلك المجزرة وبتلك البشاعة التي تعني المخطط المسبق لوأد الثورة بمثل ذلك العمل الأرعن بحق أناس سلميين فعلاً لم تكن الفرقة قد انضمت للثورة، بدأ القتل مباشرة بعد الانتهاء من الصلاة بعد أن أضرمت النيران بالإطارات لتكون سحب دخانية سوداء ارتفعت لتغطي المجرمين والقتلة .
ظن البعض في جولة القادسية ونحن نسلِّم من الصلاة أن مفروشات الجوبي قد أحرقت من شدة الدخان الأسود وكثافته ...
شهداء الكرامة لأنهم أسقطوا علي عبد الله صالح فعلاً وما تلا ذلك من شهادة للثوار السلميين كان هناك تبرير للفرقة والسلاح المحمول والحماية، لكن الكرامة وما قبلها لم يستطع النظام أن يقدم أي مبرر للقتل والجريمة وإن كان ففج وممجوج واعترف بالجريمة بإعلانه الحداد ثلاثة أيام ظناً منه أنه سوف يمتص الغليان الشعبي الداخلي والاستنكار الخارجي ...
لم يكن فرارنا إلى الانتخابات جبناً، لكنه حب الوطن وشجاعة الشجعان فلا تظن (البقايا) أننا نحب الحياة لكنا نمرر صوت العقل ونسلك سبله وحباً للوطن وندرك تبعات المواجهة للقضاء على الشرذمة والنفسية على الأجيال والثقافة مع يقين من النصر كما وجودنا لكن إذا لم يكن إلا الأسنة مركباً فما حيلة المضطر إلا ركوبها وعلى استعداد للتضحية لتحقيق أهداف الثورة والوفاء لدماء الشهداء ونحن على ذكرى شهداء الكرامة الأولى نؤكد أننا على دربهم سائرون لنحيا بكرامة أو نموت شهداء كرامة جديدة.
طاهر حمود
لنحيا بكرامة أو نموت شهداء كرامة جديدة 1846