كأنه لم يكف المؤسسات ما سرقه من أموال أولئك الفاسدون الذين يتربعون على رؤوس هذه المؤسسات كرؤساء مجالس إدارة أو مدراء عموم وحاشياتهم وشللهم وهم أولئك الذين لم يبدعوا أو يطوروا من عمل تلك المؤسسات أو يعملوا على تنمية مدخرات ورؤوس أموال البنوك وإن يكن هنالك تطوير ففي مجال التحايل والسرقات وإيجاد مبررات لسرقة البنود وتجييرها لصالح جيوبهم وأرصدتهم في ظل نظام عمل على تشجيع اللصوص والفاسدين وكلما أبدع اللص وأتقن السرقة وتفنن في إفلاس المؤسسة التي يرأسها صار مؤهلا ً للترقي والترشح لإدارة مؤسسة أكبر وأهم في ظل ثقافة مشوهة غيرت المسميات والقيم... واعتبر كل لص يستطيع الحصول على قصر وسيارات فخمه خلال أشهر راجل وشاطر ومسئول كفء وقدير وعقمت النساء أن يلدن مثله...كأنه لم يكف الوطن نهب الأموال وسرقتها وتبديدها وبعثرتها على أيدي أصحاب السفه السياسي والطيش الحزبي المقيت وتشجيع أصحاب ظواهر الاختلالات الأمنية والتقطعات بصرف الحوافز المالية والمناصب الإدارية والسياسية لهم حتى وصل الحال إلى ما هو عليه من فوضى إدارية ومالية وتسيب وعجز واختلالات واختراقات ومخالفات بلغت حدها الأقصى..وفي ظل وضع جديد يأمل الناس أن تتغير الأحوال وتتحسن الأوضاع يأبى أصحاب الفساد إلا أن يستمروا بفسادهم..متنقلين من حالة فاسدة إلى حالة أفسد منها ومن الفساد الخفي إلى الفساد الصريح والمعلن... ولأنه لم تتم محاسبة فاسد أو متهاون أو سارق للمال العام وتطبيق أي قانون أو عقاب رادع في حق أحدهم... نسمع اليوم قصصاً لنهب مئات الملايين من الأموال في شوارع بوجوتا عاصمة كولومبيا على أيدي عصابات المافيا والمخدرات أو متاهات صحراء الربع الخالي..... معذرة في شوارع عدن المدينة الوادعة..ليست الحادثة الأولى ولا الثانية وليست غلطة... بل إنها تتكرر بحيث لا يكاد يمر أسبوع أو أسبوعان حتى نسمع عن نهب أموال البنك الفلاني أو رواتب موظفي المؤسسة الفلانية جهاراً نهاراً ويختفي الناهبون أو تبتلعهم الأرض مع الأموال كما ابتلعت قارون، غير أنها هنا تبتلعهم بدون عصى موسى..الموضوع مثير للاشمئزاز والسخرية ومضحك مبكي في نفس الوقت وشر البلية ما يضحك..آخر الحكاية كانت أموال البنك الزراعي التي تم نهبها على أيدي بشر نزلوا من الفضاء يرتدون ثياب المارينز الأمريكي...العملية ليست عفوية ولا يمكن أن تكون بريئة ولا وليدة الصدفة خصوصاً أنها أصبحت شبيهة بالظاهرة وأعتقد أنه من السذاجة والبلاهة اعتبار عمليات نهب أموال البنوك غير مقصودة وغير معد ومخطط لها....فهلا سألتم يا حكومة الوفاق وحاسبتم وأحلتم المسؤولين عن هذه الأموال إلى التحقيق والسجن؟ كونهم المسؤولين عن إضاعة الأموال إن لم يكونوا شركاء في سرقتها ويتقاسمونها مع العصابات التي تنهب تلك الأموال... ولو أنهم فعلاً كانواً حريصين على الأموال ما سرقت، لو أنهم صرفوا بعض الآلاف فقط كحوافز لقوات عسكرية لمرافقة هذه الأموال لما استطاعوا توفير حماية عسكرية لمخزون الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي...وليس الملايين التي تنهب في الشوارع..ولماذا لا يتم طلب حماية لمرافقة هذه الأموال أثناء نقلها ما دامت تتعرض للسرقة والنهب في وضح النهار؟ أم أن المسؤولين عن البنوك تشملهم حصانة المبادرة الخليجية ولهذا يبعثرون الأموال التي يتم تجميعها بالقطارة لصرف مرتبات الناس وإعالة الأسر؟.
مئات علامات الاستفهام كيف...ولماذا؟ تتكرر وتلعن المسؤولين الذين يمارسون الفساد بأصلف وأقبح الصور ومعها ملايين علامات الاستفهام إلى متى سيظل هؤلاء يعبثون ويعيثون في الأرض فساداً؟
علي الربيعي
البنوك ونهب الأموال.. كيف ولماذا؟ 1723