لقد حان الوقت لنكشف الغطاء عن قضايا الفساد التي أصبحت هي السمة البارزة، مع الأسف الشديد في يمننا الحبيب، فيمننا الحبيب يغلي من قضايا الفساد، وقد استفاق شعبنا من سباته العميق تجاه هذه القضايا، لكن البعض ما زال يغط في نومه، قد غلبت عليه مشاعر الوطنية لدرجة أن وطنيته أصبحت تسع المجرمين والفاسدين أنفسهم!.
لن نقول: ما أدراكَ ما الفساد؟، لأنّه باتَ معروفاً، ويذوقُه البعضُ أو ذاقَه في كلّ أمور الحياة التي باتتْ لا تُطاق لأنّ ما نعنيهم ( عاثوا في الأرض فسادًا ). حتى أصبحَ الفسادُ هواءً نتنفّسُه.
الفساد يوصف بأنه «وحل رأس المال غير المنضبط»؛ إما لعدم وجود قوانين تحكمه، أو أن القوانين معطلة بالفساد نفسه، وكان قيام الثورة الشبابية سبباً رئيسياً لإسقاط أعمدة ذلك الفساد المتفشي؛ لأن فساد الدولة ومعاونيها هو فساد القوة، والبلطجة الذي لا يستطيع أحد الكلام عنه علناً، أو مواجهته، فقد ربى الفساد أعوانه الذين لم يخجلوا من الدفاع عنه حتى بعد سقوطه، لأن الفساد الذي يتفشى يجعل الناس يضحون بحياتهم لمقاومته؛ لأنه لم تعد هناك حياة تستحق العيش من أجلها.
ففي المسرحية الغربية بعنوان (آميديه أو كيف يمكن التخلص منها)، حيث كان يعرض فيها الكاتب وضع أشخاص يقيمون في شقة مع جثة غريبة تتضخم، ويتحدثون عنها، ولا يفعلون شيئاً للتخلص منها أو إخراجها من المنزل، وتسارعت الجثة في التضخم وهددت بتحطيم باب المنزل، ثم تخرج أطرافها للشارع لتسد الطريق ويراها كل الناس.
القضية هنا هي أن أي فساد خفي نتحدث عنه، ولا نتخذ شيئاً حياله لا بد أن يكبر في زمن الصمت عليه، فإذا كبر صار فضيحة لا يمكن تجاهلها، والاستدعاء الذي تذهب له المسرحية هو أهمية الخلاص من جسد الفساد الذي يتضخم في الخفاء، فمهما كان الفساد خافيا ومستوراً فلا بد من أن يظهر يوما من الأيام أكبر مما هو، وبشكل يصعب علاجه، فالجثة لا تتعفن لكنها تكبر في الظلام.
إن فئة المفسدين تفتقر لمبادئ الأمانة وقيم النزاهة وعفة الصدق في القول والالتزام بالمبادئ الوطنية، واحترام ثوابت الدولة، والاحتكام للقانون والنظام، لذا نراها تتصيد المواقف، وتعمل على إثارة الفتن.
سمعنا عن هيئة مكافحة الفساد، ولكن ما لم نسمعه وندركه هو تقديم مسؤول فاسد إلى المحاكمة بتهمة الفساد والنهب والسلب للمال العام، ولكن يجب أن نعلم انه لو أعطيت صلاحيات أكثر في الضبط، والتحقيق لتلك الهيئة،لكان هناك من الردع لمن تسول له نفسه العبث بممتلكات الدولة ونهب المال العام مسئولاً كان أو مواطناً.
بالكلام الصريح أقول: هذا هو الفساد يستلزم أن نكون يداً واحدة في وجه الفاسدين إلى أن يلقوا عقابهم الرادع لهم، ولمن تسول له نفسه شيء من الفساد؛ لأن الفاسدين هم من يهددون أمننا واستقرارنا، وثمن محاربة الفساد مكلف معنوياً ومادياً، لكنه الحل لبتر كل عضو مريض من جهاز الدولة أو القطاع الخاص، فالتضحية بالفاسدين خير من أن نعيش حالاً ما نراه عند غيرنا من اضطراب، وفقد للأمن وانهيار للاقتصاد.
إن قيم الانتماء الصادق، والوفاء والإخلاص للوطن، تدعو الشرفاء جميعاً كي يتصدوا لهذه الفئة، وبكل الوسائل التي تكشف زيفهم وفسادهم.
sraeed@gmail.com
رائد محمد سيف
حتى لا يتفشى الفساد.. 1854