كان جحا يملك داراً وأراد أن يبيعها دون أن يفرط فيها تماماً، فاشترط على المشتري أن يترك المسمار الموجود مسبقاً في الحائط داخل الدار ولا ينزعه، فوافق المشتري دون أن يلحظ الغرض الخفي لجحا من وراء هذا الشرط.
وبعد أيام ذهب جحا لجاره ودق عليه الباب، فلما سأله جاره عن سبب الزيارة أجاب جحا: جئت لأطمئن على مسماري!، فرحب به الرجل، وأجلسه، وأطعمه، لكن الزيارة طالت، والرجل يعانى حرجًا من طول وجود جحا، لكنه فوجئ بما هو أشد، إذ خلع جحا جبته وفرشها على الأرض وتهيأ للنوم، فلم يطق المشتري صبراً وسأله:
ماذا تنوي أن تفعل يا جحا؟.
فأجاب جحا بهدوء:
سأنام في ظل مسماري.
وظل جحا يذهب يومياً للرجل بحجة مسماره العزيز وكان جحا يختار أوقات الطعام ليشارك الرجل في طعامه فلم يستطع الرجل الاستمرار على هذا الوضع وترك لجحا الدار بما فيها وهرب!! .
ومن هنا انتشر مثل "مسمار جحا".
قالت وهي تضحك: زوجي دائماً يدق مسامير، قلت لها ماذا تقصدين بقولك يدق مسامير؟. قالت : يعني "يحارش " أي نمام.. وكثير غيرها يفاخر بأنه يدق مسامير وكأنه عمل بطولي والرسول صلى الله عليه وسلم يقول " لا يدخل الجنة نمام" "ومن فرق بين متحابين فرق الله بينه وبين ما يحب يوم القيامة"
حتى لا تغرق السفينة:
وقال صلى الله عليه وسلم " مَثَلُ الْوَاقِعِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْمُدَاهِنِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ رَكِبُوا سَفِينَةً، فَاسْتَهَمُوا عَلَيْهَا، فَرَكِبَ بَعْضُهُمْ عُلُوَّهَا وَقَوْمٌ سُفْلَهَا، فَكَانُوا إِذَا اسْتَقَوْا آذَوْهُمْ وَأَصَابُوهُمْ بِالْمَاءِ، فَقَالُوا : قَدْ آذَيْتُمُونَا بِمَا تَمُرُّونَ عَلَيْنَا، فَأَعْطَوْا رَجُلا فَأْسًا يَنْقُبُ عِنْدَهُمْ نَقْبًا، قَالُوا: مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعُونَ؟ قَالُوا: تَأَذَّيْتُمْ بِنَا، فَنَنْقُبُ عِنْدَنَا نَقْبًا لِنَسْتَقِيَ مِنْهُ، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ هَلَكُوا وَهَلَكُواجميعاً، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جميعاً".
إذن الوطن للجميع، فلا تدق المسمار لتشرب الماء فتغرق السفينة بكل من عليها وأنت أولهم.
مسامير:
والإرهاب مسمار تدقه أمريكا حيث تشاء لشيء في نفسها ثم تأتي بقضها وقضيضها لتقتلعه، لكنها للأسف تقلع الجدار وتتركه والعراق وأفغانستان ليستا آخر ضحايا مسمار أمريكا.
والحب مسمار يدقه العشاق على جدار القلوب لكي يعلقوا عليه كل شهواتهم ورغباتهم وليفتحوا باسمه جميع المنافذ والأبواب ويتجاوزوا كل الخطوط الحمراء والصفراء والفوق بنفسجية.
وقد يكون المسمار هدية تشبه هدية أبو الهذيل، الذي أهدى دجاجة لموسى بن عمران، وظل يذكره بها، فإذا ذكر شيئاً بجمال أو سمن، قال هو أسمن وأحسن من الدجاجة التي أهديتكم.. وإذا ذكر حادث قال: حدث ذلك قبل أن أهدي لكم الدجاجة بشهر, وما كان بين ذلك وبين إهداء الدجاجة إلا أيام قلائل.
أحلام القبيلي
لا تدق "مسمار" 2978