إن اليمن أمام مرحلة جديدة وتاريخية وذلك عقب فوز المشير عبدربه منصور هادي برئاسة الجمهورية وبأغلبية ساحقة فاقت المتوقع ومن وجهة نظري فإن هذه الانتخابات كانت بمثابة استفتاء حقيقي وإرادة راسخة من الشعب في التغيير والتطلع نحو بناء دولة النظام والقانون من أجل تحقيق الحرية والعدالة والحياة الكريمة والتي تكفل المواطنة المتساوية بين أبناء الشعب اليمني.
وفي وسط أجواء من التفاؤل يتجلى لنا مشهد لم يكن في وسعنا يوماً أن نتخيله وهو أن نرى رئيساً جديداً ونحن نُحسن الظن فيه ونشُد على يديه بأن يسعى جاهداً بجد وعزيمة في بناء الدولة الحديثة التي طالما انتظرناها, فبعد أداء الرئيس هادي اليمين الدستورية وكلمته الجامعة التي ألقاها والتي كانت جلية وواضحة حول ملامح إستراتيجية للفترة القادمة في ضوء التحديات الكبيرة التي من أولوياتها تحقيق الأمن والاستقرار وإعادة هيكلة الجيش والتي تعتبر الهاجس الأكبر لديه وإنعاش الحالة الإقتصادية المتردية في البلاد وهذا ما يتطلب منه الوقوف بمسؤولية واتخاذ القرارات فيها بكل جدية وحزم في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة ويبقى هنا تحدٍ آخر للرئيس الحالي وهم في نفس الوقت لأبناء اليمن وقيادته الجديدة وذلك فيما يتعلق بالاستحقاقات الماضية والمتمثلة في الحراك الجنوبي الذي يتزعم مشاكل وظروف إخواننا وأبنائنا في جنوب الوطن ورفع المظالم عنهم وهذه القضية من وجهة نظري تستحق أن توليها القيادة السياسية جُل اهتمامها وليس الحراك الرجعي المتمثل في من فقدوا مصالحهم من شراكة سابقه في الحكم والذين ليس لهم أي مشروع حضاري سوى الحديث عن فك الارتباط تدفعهم نظرتهم الذاتية والمادية الضيقة وتبعيتهم لأذيالهم الذين سقطت أوراقهم وعفا عليهم الزمن؛ لكونهم يجهلون الواقع الداخلي والمقتضى الإقليمي والدولي في أهمية بقاء اليمن واحداً موحداً ومستقراً ولا نعلم من أعطاهم مشروعية التحدث باسم إخواننا في الجنوب وأدعوا هؤلاء لأن يراجعوا حساباتهم وكفى بهذا البلد مؤامرات ولعب بالأوراق والتحدي كبير وعسير..
ومن اليمن جنوباً إلى التمرد الحوثي شمالاً وهي الأشد خطورة عن سابقتها؛ كونها قائمة ومرتكزة على حمل السلاح في وجه من يعترض سبيلها بغية المزيد من التوسع وبسط نفوذها في الأماكن التي تسيطر عليها والصعوبة تكمن في أنها ذات طابع ديني وعقائدي بحت وتبعيتها لأجندة خارجية وذلك من خلال الدعم المادي والمعنوي وليس هناك مجال للحوثيين إلا بالانخراط في العملية السياسية وتشكيل حزب سياسي ليتنافس مع بقية الأحزاب وفق دستور البلاد وما عدا ذلك فإنهم سيجدون أنفسهم وحيدين في دائرة مغلقة وتنذر بقرب نهايتهم.
وجملة هذه التحديات والتي تأتي في صدارة إستراتيجية الرئيس عبدربه هادي في قادم الأيام والتي أكد عليها من خلال دعوته الجادة لأهمية عقد مؤتمر وطني يتضمن كافة الأطياف السياسية والاجتماعية والأطراف المتنازعة للجلوس على طاولة واحدة وبدون شروط مسبقة, يهدف فيها الجميع وبإرادة حقيقية وصادقة إلى حل كل المشاكل العالقة والمتراكمة عبر نقاش مسؤول يفضي إلى إيجاد الحلول المناسبة وذلك دون المساس بالثوابت الوطنية والتي من شأنها المحافظة على وحدة البلاد وأمنه واستقراره وعدم العبث بمقدراته وخيراته وحين متابعتنا لهذا المشهد السياسي والتحول الديمقراطي السلمي الرائع والخالد الذي تشهده البلاد ليسعد بها القريب والبعيد ويشاركونا هذه الأفراح والأعياد اليمانية لتضيف لنا إنجازات تاريخية.
ومع مراسم تنصيب هادي رئيساً جديداً لليمن ، إذا بتنظيم القاعدة يبعث بتهنئة على طريقته الخاصة وذلك عندما أعلن مسؤوليته عن حوادث التفجير المأساوية مؤخراً بعنوانها المزيد من القتل للأبرياء من عسكريين ومدنيين وإثارة الخوف والرعب بين الناس ولا ندري هنا بأي دين أو عقل أو منطق أجازوا فعل ذلك أم أن الغاية عندهم تبرر الوسيلة؟.. وهذا الفعل قد لاقى استنكاراً من علماء اليمن عبر البيان الذي أصدروه وما عاد لهذا التنظيم من حجة مطلقاً ولكنه تحدٍ آخر يضاف لسابقاته على كاهل الرئيس الجديد وحكومة الوفاق الوطني في كيفية التعامل مع هذا التنظيم وسبل مواجهته.
وكان الله في عون الجميع على تجاوز هذه المرحلة الهامة والحساسة وتحمل الرئيس عبء هذه المسؤولية وهذا ما يحتم جميعاً أن نبذل معه كل تعاون وإخلاص من أجل هذا الوطن الكبير والغالي على قلوبنا .
فؤاد الصياد
الرئيس هادي والاستحقاقات القادمة 1487