أخشى أن نكون نحن كشعب بحاجة لثورة تغيير كما حدث مع النظام السابق, ثورة تغيير في أخلاقنا وتعاملاتنا وطباعنا بل في كل تفاصيل حياتنا صغيرةً كانت أو كبيرة.
إن أردت أن تعرف سبب هذا الأمر فامشي في أحد شوارعنا وانظر لحاله، والله لو استطاع أن ينطق لصاح عالياً من شدة غيظه وطفحه من هول ما تقترفه أيدينا في حقه.
وإن شئت أن تعرف مقدار تدني أخلاقنا فاصغي وأنت تمر في أي حارة من الحارات لحديث الشباب صغاراً كانوا أو كباراً لتسمع من بذاءة الألفاظ مالا تطيق أُُذن إنسان سوي سماعه فكيف يمكن للسان التلفظ به وبصوت عالٍِ بدون حياء أو خجل؟.
وكيف لنا أن ننشد التطور والتغيير ونحن بهذا السوء من الخلق وبهذه الدرجة من الأنانية والإهمال لحد أنك إن قلت لشخص يا فلان حرام ترمي القمامة على طريق الناس يرد باستهتار يعني على نظافة الشوارع، طيب يا جماعة هذه مسؤوليتنا كشعب وسكان في هذا البلد وليست مسؤولية الحكومة فقط، يعني الحكومة تمشي مع كل مواطن عامل نظافة يكنس بعده وان فعلت لعجز العامل عن كثرة مخلفاتنا ولا أدري لولا عمال النظافة هؤلاء الذين نسخر منهم ونتقزز ونعاملهم وكأنهم درجة ثانية من الخلق ونحن درجة أولى لا أتخيل كيف يمكن أن تصبح شوارعنا من غيرهم؟.
ولعمري إن لهم علينا فضلاً عظيماً رغم نظرتنا الدونية إليهم ورغم رواتبهم الضئيلة ورغم معاملتنا القاسية لهم وتقصيرنا في حقهم، فهم خلقوا في هذا البلد وكبروا فيه ولا يعرفون لهم وطناً غيره ومع هذا لم يفكر أحد في مساعدتهم من حيث توعيتهم وتعليمهم ولم نسمع عن شيخ تطوع ليعلمهم الدين ويدعوهم إليه ونحن نراهم يرتكبون أشياءً سيئة ونكتفي فقط بانتقادهم والسخرية منهم.
لفت انتباهي خبر ورد في قناة الجزيرة عن رجل صيني سمع بخطورة البطاريات على البيئة وأن الحكومة ليست لديها القدرة حالياً على التخلص منها، فكان ذلك الرجل يذهب كل صباح ويحاول جمع ما استطاع منها ويحملها إلى المصنع.. يبدو لي أن على الحكومة أن تأتي إما بصينيين لتعليمنا حب بلادنا وكيفية ممارسته على الواقع أو أن ترحل الشعب كله إلى الصين يأخذ دورات تدريبية في فن النظافة، ثم يرجع وقد تعلم أن كل فرد تقع عليه مسؤولية يجب أن يتحملها بغض النظر إن فعل الآخر ذلك أم لا.
وهنا أذكر بالدور الهام الذي يقع على خطباء المساجد، فبيوت الله تعالى ليست للصلاة فحسب بل هي منابر ومدارس تخرج منها رجال وعمالقة سادوا الأرض بأخلاقهم الرفيعة.. فأين المساجد اليوم وقد تخلى أئمتها عن دورهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتربية الناس وتوعيتهم في أبسط أمور دينهم؟ ومن أين يمكن للمسلم أن يتعلم أخلاق دينه الحنيف إن لم يتعلمها في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه؟.
وصدق رسول الله عليه صلوات ربي وسلامه حين قال {والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذاباً من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم} عليه أفضل الصلاة والسلام.
جواهر الظاهري
الرئيس يريد تغيير الشعب!! 2004