التجديد لا يعني التبديد، بل إن أهم أنواع التجديد يأتي من خلال ممارسة الصواب، وكلما زاد الإنسان في ممارسة الصواب إزداد هداية، وإن أبرز أنواع التجديد يأتي من خلال طلب الهداية من الله عز وجل، ففي كل صلاة نقرأ الفاتحة في كل ركعة، ونقرأ فيها قول الله عز وجل: {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} (6) سورة الفاتحة.
وقد ذكر العلماء أن ذلك يكون باستكمال أنواع من الهدايات وزيادة فيها بالأعمال أو التوفيق إلى أنواع أخرى ومنه فتح قدرة على أعمال ما كانت متوفرة وهكذا. ومن أجود ما يتعلق بهذا الموضوع ما قاله الإمام ابن القيم في كتابه شفاء الغليل: "أمر سبحانه عباده كلهم أن يسألوه هدايتهم الصراط المستقيم كل يوم وليلة في الصلوات الخمس، وذلك يتضمن الهداية إلى الصراط والهداية فيه، كما أن الضلال نوعان ضلال عن الصراط فلا يهتدي إليه وضلال فيه؛ فالأول ضلال عن معرفته، والثاني ضلال عن تفاصيله أو بعضها، قال شيخنا (يعني ابن تيمية): ولما كان العبد في كل حال مفتقراً إلى هذه الهداية في جميع ما يأتيه ويذره من أمور قد أتاها على غير الهداية؛ فهو محتاج إلى التوبة منها، وأمور هدى إلى أصلها دون تفصيلها، أو هدى إليها من وجه دون وجه؛ فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها؛ ليزداد هدى، وأمور هو محتاج إلى أن يحصل له من الهداية فيها في المستقبل مثل ما حصل له في الماضي، وأمور هو خال عن اعتقاد فيها فهو محتاج إلى الهداية، وأمور لم يفعلها فهو محتاج إلى فعلها على وجه الهداية إلى غير ذلك من أنواع الهدايات، فرض الله عليه أن يسأله هذه الهداية في أفضل أحواله، وهي الصلاة مرات متعددة في اليوم والليلة انتهى كلامه.
ولا يتم المقصود إلا بالهداية إلى الطريق والهداية فيها، فإن العبد قد يهتدي إلى طريق قصده وتنـزيله عن غيرها ولا يهتدي إلى تفاصيل سيره فيها وأوقات السير من غيره وزاد المسير وآفات الطريق".
د. محمد عبدالله الحاوري
التجديد لا يعني التبديد 2134