لا أحب دور الناصح الديني يوماً ولكن سأقف هنا قليلاً مع الصلاة لسوء الحالة ليس إلا، وذلك بسبب شاشة خرساء تسرق أوقاتهم ولو نطقت قهراً لصرخت بوجههم (صلاة يا جن صلاة ) ...
بلا شك أن التعلّق بهذا العالم يقطع أواصر العلاقات الأسرية في البيت وخارجه، خاصة أن المُفسبك ينكب على الشاشة الملعونة طوال اليوم ويستمتع بحوار الأنامل الدافئة على لوحة المفاتيح الباردة ولربما هذا ما يُفسر غضب بعض الأهالي من وجود الإنترنت في المنزل وهو أيضاً سبب في احتجاج أجهزة الحاسبات من مدمني الأنترة و الفسبكة وأظنها لو قادرة على المشي والشكوى لهرولت للمحكمة مباشرة تشتكي (الجعثة)، فما بالك بعلاقة المفسبك بربه وصلاته أظنها بحاجة إلى ترميم بإمعان وإخلاص ..
تقول إحدى صديقاتي إن الفيس أنساها العالم من حولها وباتت غارقة بعالم آخر تربط به شاشة إضافة إلى ذلك فإنه أنساها الساعة وباتت تسمع (بهذله) من والدتها بسبب إدمانها عليه وإهمالها للصلاة وذكرت إحدى الجمل على لسان والدتها (هذه ماعادهيش مولعة هذه قده جنان، الذي اخترع هذا الجني جعله ...) وتنهال الدعاوي للعم مارك كل يوم بسبب ما صنعت أفكاره، فمسكين العم مارك خيراً تعمل دعاوي تلقى !
من جهة ثانية الشعب اليمني مش ناقص (مولعة) يكفي عليه القات والذي بسببه تُختصر الصلوات إلى صلاتين الظهر والعشاء وإذا المقوات مزدحم تبقى صلاة واحدة وإذا البحشامة طوّلت لآخر الليل ضاعت الصلاة الأخيرة، وأهم شيء للمولعي أن طعم القات لا يخرب !
يستحضرني الآن موقف لأحد أطفال أقربائي لا يتجاوز عمره ست سنوات وجدته يوماً يسابق والده لسجادة الصلاة ليُصلي المغرب، فابتسمت كون أن الطفل يعرف الصلاة في هذا العمر ويسابق والده للصلاة ولكن تغيرت ملامح وجهي 180 درجة حينما رأيته يُصلي وهو مُبحشم، ورأيته "كمان" يقرأ الفاتحة شويه ويُحرك القات بفمه شويه كدتُ حينها أن أصرخ بملئ صوتي (يا جنااااه، ما هذا !) إلا أني أمسكت بغضبي لحين انتهاء صلاته وفور انتهاء المولعي الصغير حاولت إيضاح خطأه لهُ وبكل برود رد عليّ (وليش أبي يصلي وهو مخزن )، إذن المشكلة في الآباء وليس في الأبناء،
طيب ماذا عن الفيسبوك من حسن الحظ أنه ليس كما القات يُمضغ ولكنه أخطر بكثير فتخيلوا معي المفسبك وهو يصلي :
عند قراءة الفاتحة يُفكر بـ (قمر ومحد شايفني) بماذا علقت على الأغنية التي شاركتها بحائطها ووقت الركوع يُفكر ماذا يرد على قصيدة أنزلتها ( الشاعرة بنت أمها وأبوها) بصفحتها، أما وقت السجود فهو شارد بصورة بروفايل (شبيهة هيفاء) الشبه عارية ووقت التشهد والتسليم صنّف يسأل نفسه (ليش صديقه الفيسبوكي مبخوت يدافع عن الحوثيين ليكون امن قومي !
انتهت الصلاة سريعاً بعد التسليم وسجدتا السهو ولو سألته كم صليت ركعات عيطنن شويه ويرد (مدري) وكذلك الحال أيضاً للإناث المدمنات ..
بمعنى أكثر وضوحاً إما أن تضيع الصلوات بالمَرة أو أن تُصلى ولا تُصلى تماماً كما تخيلت ..
أيها المفسبكون المُبحشمون وغير المبحشمين الفسبكة باقية والصلاة زائلٌ وقتها فأقيموا الصلاة بوقتها يرحمني ويرحمكم الله ...
أحلام المقالح
صلاة يا جن صلاة .. 2320