;
توفيق الخليدي
توفيق الخليدي

دولتكم أم دولة الإسلام؟! 1570

2012-03-07 05:07:01


الإسلام دين عظيم ورسالة سماوية قيّمة جاءت بأنقى المفاهيم، تقيم العدل وترسي للسمو أسساً ومبادئ، كما أنها رسالة رحمة وخير أتت متممة لمكارم الأخلاق، عظّمت من قيمة الإنسان حتى أنها لم تسلب الكافر الحق بالحياة في المجتمع المسلم –ما لم يكن محارباً- وفق نظام معين تحفظ فيه الحقوق ويصان العرض ولا يكره على الدخول في الدين, إذاً هناك أخلاقيات راقية في هذا الدين تدعو لاحترام الآخر والتعامل معه وفق مبادئ هذا الدين لا بناءً على كفره، وكان للتعامل أهمية قصوى في ترسيخ القيم العظمى لهذا الدين وكان تعامل المسلمين بمثابة الدعوة إلى الإسلام، ويزف لنا التاريخ قصصاً جميلة عن تعامل قادات الأمة الإسلامية مع غير المسلمين ومنها ما يحكي عن قصص نهايتها إسلام أحدهم وربما جموع من البشر، وكان من وصايا القادة في الغزوات ألا يقتل الطفل والمرأة والمسالم، بل وألا تقطع شجرة في إشارة إلى حفاظ هذا الدين على الحياة وأنه رسالة رحمة، ثم كان هدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من إراقة دم المسلم أو كما قال عليه الصلاة والسلام.وكان لليمنيين في هذا المجال حضور وقد سجل التاريخ لهم مواقف أدت إلى إسلام الناس في شرق آسيا لتأثرهم بتعامل التجار اليمنيين وهاهو نبي الرحمة يقرر قائلاً: (الدين المعاملة) عليه الصلاة والسلام.
تجمع ما يسمى بأنصار الشريعة في أبين - وفي ظل ظروف غير واضحة - أسسوا إمارتهم وعينوا قضاة لا ندري ما مدى أهليتهم لذلك وعلى إثره نفذوا أحكام القصاص في مجموعة من المسلمين، وهاهم يفرضون حضورهم بالقوة في مجتمع مسلم دون اعتبار للعواقب المؤثرة على حياة السكان أو لتلك الدماء التي سفكت وهم يجاهدون بحسب كلامهم، وما يزالوا يرفعون رايتهم تلك ويتمسكون بمنطقهم الداعي إلى تحكيم شرع الله والذي لا يختلف عليه اثنان, لكن كل شيء وفق ضوابط وآليات محددة تجمع بين الفقه الشرعي وفقه الواقع، فهذا الدين صالح لكل زمان ومكان وأحكامه وشرائعه تحتوي كافة تغيرات الحياة بما لا يتجاوز الثوابت، وقد خلق الله السموات والأرض وأرسل الرسل والكتب المقدسة لأجل هذا الإنسان -كأغلى قيمة في هذه البسيطة- ليعمر الأرض وفق ما اقتضته سنته سبحانه .
آلاف الأسر مشردة الآن ومنازل هدمت وأعراض هتك سترها وأمهات روع أطفالها وحال لا يسر العدو فضلاً عن الصديق، وهاهم المئات من أبناء القوات المسلحة والأمن ما بين قتيل وجريح وهم موظفون يعلم الله بحالهم وحال أسرهم فلربما وجد منهم الذي لا يملك قيمة دواء لمريضه ومنهم ربما من لا يجد ما يسد به رمق أطفاله وما جبرهم على العسكرة –في ظل ظروف العسكر المؤسفة- إلا الحاجة, جميع هؤلاء مسلمون أقل ما يمكن أن يقال عنهم أنهم منكوبون، فهل كانت الدولة الإسلامية المنشودة لدى هذه الجماعة أهم من حياة كل هؤلاء؟! وهل من المصلحة أن يحدث كل هذا على درب تأسيس دولة إسلامية؟ وهل تقوم الدولة على أنقاض المجتمع وتشريد الأسر وقتل المسلمين؟ هل الدين الإسلامي يبيح فعل هذا لتأسيس الحكم الإسلامي؟، أم أن هناك خطأ في فهم الدين فلا يهم كل ما يحدث للناس ولو أبيدت مدينة، فالأهم هو تطبيق الشريعة مع أن الإنسان هو المخلوق المكرم والذي شدد الدين على أهميته واستخلفه في الأرض؟ ألم يأمر الدين بالحكمة والموعظة الحسنة وبالتي هي أحسن في الدعوة إليه ؟ وهل هذا القتل والتشريد والدمار الحاصل في أبين يرضي الله ورسوله؟
كمسلمين لا شك أننا نؤمن بصلاحية هذا الدين لكل مكان وزمان وبتطبيق الشريعة والتي جاءت للحفاظ على الضروريات الخمس ( حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال والعقل)، فهل ما يحدث في أبين حفظ هذه الخمس؟!، إننا نؤمن أن هذا الدين عظيم وأننا كبشر مجبولون على النقص فنصيب ونخطئ في فهمه فنسيء إليه ونحن نعتقد أننا نمثله، أما إذا تحدثنا عن أن هؤلاء شباب متحمسون تم استغلال حماستهم لتنفيذ أجندات خاصة فتلك جريمة لا تغتفر ترتكب في حق الدين والإنسان والأرض الطيبة.
تغريدة..
من المهم فهم الدين الإسلامي بعمق يستند إلى فقه واقعي يتخطى الوقوف عند تطبيقات الزمن الأول, قبل المضي في تطبيقه كمنهج حياة .

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد