الشرطة في كل أنحاء العالم وفي الدساتير والقوانين العربية والدولية من أهم الشرائح الاجتماعية التي يقع على عاتقها حفظ الأمن والاستقرار وتوفير الهدوء والحفاظ على السكينة والآداب العامة واستقصاء الجرائم وتعقب مرتكبيها وجمع المعلومات المتعلقة بها وإثباتها في محاضرها وإرسالها إلى النيابة العامة وأستدرك هنا ما كان ينبغي أن يشار إليه في المقال السابق رقم (1) حول معايير دخول الكليات العسكرية في عهد الرئيس السابق (صالح) وحديثنا عن قبضته الحديدية عليها وعدم القبول فيها إلا بالمعايير السابق بيانها، بَيْدَ أننا نضيف معياراً استثنائياً خاصاً بمن حالفهم الحظ من المتقدمين إليها من أصحاب الكفاءة والنباهة والذكاء ممن كانوا مجهولي الانتماء الحزبي لدى لجنة القبول للحزب الحاكم فيُقبلُون وبعد التخرج يوزعون مع زملائهم إلى المؤسسات الحكومية وأقسام الشرطة وكان لهؤلاء الضباط الشرفاء دور فعال في الإدارات التي يوزعون للعمل فيها وبقدر نسبة تواجدهم ومن مزايا تواجدهم إيجاد السكينة العامة والعمل بالقانون نوعاً ما وتلقي شكاوى المواطنين والتحقيق فيها وإحالة ذلك إلى جهة الاختصاص مع الأطراف ومثل هؤلاء نادرون فَقَلّما تجدهم بسبب النظام الذي كان لا يشجعهم ولا يرقيهم، لاسيما إذا كانوا لا يمدون أيديهم إلى الرشوة ولا إلى استغلال الوظيفة العامة أو العنترة على المساكين ومن خلال استقراء الواقع فانك تجد نسبة الضباط الشرفاء الوطنين بالنسبة للضباط الفاسدين كالشعرة البيضاء في الثور الأسود..
وكم نشعر بالارتياح والسعادة عندما نذهب إلى بعض الدوائر الحكومية ومنها أقسام الشرطة ونجد مثل هؤلاء ويتساءل البعض كيف لو زاد عددهم؟ لصلح الوضع واستتب الأمر وقل الفساد ولكن ولكثرة الضباط الفاسدين فقد كنتَ تجد بعض المواطنين يتركون الكثير من حقوقهم وربما يتنازلون عنها بسبب الفساد الذي عم الدوائر الحكومية، فإذا ما قلت لشخص ما قدم شكواك إلى الشرطة فالشرطة في خدمة الشعب يضحك عليك ساخراً ويرد (الشرطة في خدمة الجيب والوساطة وتوجيهات النافذين)، ناهيك أن النظام كان يشجع الفاسدين الذين لا يهمهم جمع المال من حلال أو حرام كما لا يهمهم حفظ حقوق الناس وحرياتهم أو انتهاكها، الأمر الذي اوجد هوةَ وعداءً بين الشرطة والشعب إلى درجة أن المواطنين فقدوا الثقة تماماً بمأموري الضبط القضائي ولذلك تجد العداء موجوداً بين الشرطة والمواطنين فلربما أن الأخيرين يعتبرون الشرطة المكلفين من جهة الاختصاص بإحضارهم أكثر عداءً من الخصم الحقيقي لان نظام الرئيس السابق كان قد غرس في الأذهان أن الشرطة والجيش تابعون له وليسوا حماة الشعب والوطن ولذلك وُجِد العداء الأزلي بين الفريقين واستمر حتى انطلاق الثورة الشبابية السلمية في فبراير 2011م ولا يزال العداء قائماً عند البعض حتى الآن بسبب الثقافة الظلامية السابقة وكلنا يعلم إهمال النظام لحقوق هذه الشريحة ومقدار رواتبها الزهيدة التي لا تكفيهم لسد الرمق والحاجة الضرورية وبدلاً من أن يُنْظَر إلى وضعهم باعتبارهم حماة الوطن فتُرفَع رواتبهم حتى لا يمدون أيديهم إلى الرشوة والاختلاس، لكنه ترك لهم الحبل على الغارب فتجد بعضهم يمدون أيديهم لاستلام الرشوة ويتلاعبون بقضايا الناس وقلب الحقائق والوقوف مع الظلمة ضد المظلومين وللنظام هدفه من ذلك وهو شق العصا بين الشعب والعسكر ليستقوي بالعسكر على الشعب وذلك ما حصل..
ونضرب مثالاًًً لك على صيغة سؤال أيهما أكثر ظلماً الإمام احمد حميد الدين الذي وجه جيشه بالقول "العدين فودكم وخولان فودكم" أم الرئيس السابق علي صالح الذي وجه الشرطة والجيش (الشعب فودكم) ولك أخي القارئ أن تصدر حكمك في ذلك وللحديث بقية في مقال آخر إن شاء الله .
المحامي/ أحمد محمد نعمان
هَل الشُّرطَةُ فِي خِدْمَةِ الشّعْب؟ (2) 1822