باعتقادي أن ما حدث لصحيفة "أخبار اليوم" من إحراق يدل بصورة واضحة ومؤكدة على تحول فصيل أو تيار داخل الحراك من العمل السلمي والطريق السياسي إلى العنف والإرهاب الفكري، ويعبر عن حالة الإحباط والاضطراب التي أصابت هؤلاء وطريقة تفكيرهم ونمط سلوكهم.
لقد سبق لهذا التيار الحراكي أن قام بمنع الانتخابات بالعنف والقوة وبأساليب ليس لها علاقة بالنضال السلمي، وبطرق لم يكن من المتوقع حدوثها وحصولها.. كيف يطالبون بإعادة إصدار صحيفة "الأيام" وهم يقومون بإحراق صحيفة "أخبار اليوم"، وإرهاب الصحفيين والوقوف ضد الإعلام الحر والصحافة الوطنية؟.. ويعرف الجميع التوجه الإعلامي والمهني لصحيفة "أخبار اليوم" ومؤسسة "الشموع" بشكل عام، أنها ليست تابعة للنظام ولا تحمل أجندات ضد أحد وأنها بخصوص ما يحدث في المحافظات الجنوبية تعمل بأمانة ومسؤولية عالية ومهنية واضحة.
لقد سبق لقيادات التيار المطالب بفك الارتباط والانفصال في الخارج أن قامت بتهديد الصديق والزميل أنيس منصور، مع أنه من أبناء هذه المحافظات ومن المتعاطفين بل وأحد أبناء الحراك السلمي والمطالب السياسية والحقوقية ومع ذلك فإن الرجل يتلقى التهديدات ويتعرض لإرهاب فكري وتحريض سياسي بصورة غير مفهومة ولا مقبولة وغير متوقعة، فما الذي حدث وما هي أسباب انحراف تيار أو فصيل داخل الحراك وتحوله إلى العنف والإرهاب الفكري، حتى أصبح منبعاً من منابع العنف ومحوراً من محاور الشر؟ وهم بهذا التحول والاتجاه وبهذه الممارسات والسلوكيات يشوهون القضية الجنوبية ويجنون عليها، وحتى وإن كان سقف المطالب يتمثل بفك الارتباط وإعلان الانفصال، فإن لهذا السقف ولهذا التوجه ضوابط أخلاقية ومعايير سياسية ومنطلقات عقلية وإنسانية، بينما الذي يحدث أمر مغاير وتصرف متهور وسلوك مغامر وعمل مدمر يستهدف الحراك نفسه قبل أي طرف آخر، لقد كان من المقبول والمعقول إلى حد ما أن يتخذوا قراراً بمقاطعة الانتخابات ورفض التسوية السياسية والتوافقات الوطنية، ولكن من غير المقبول ولا المعقول القيام بعرقلة الانتخابات ومنعها بالقوة والعنف.
والغريب أنهم قالوا إن الانتخابات لا تعنيهم ولا علاقة لهم بها، فلماذا إذن يتم منعها واستخدام السلاح لعرقلتها؟ وإذا كان حسب ما يزعمون أن غالبية أبناء الجنوب مع فك الارتباط واستعادة الدولة، فلماذا لم تتم المقاطعة بصورة سلمية وطريقة حضارية حتى يعرف الناس أين توجه واتجاه الغالبية وماذا يرى عموم الناس والمواطنين؟.. بعد ذلك وقبله ما علاقة إحراق صحيفة "أخبار اليوم" بمطالب الحراك وأهداف هذا التيار من الحراكيين؟.
عبد الفتاح البتول
تيار الحراك الانفعالي والإرهاب الفكري إحراق.. "أخبار اليوم نموذجاً" 2437