أثارتني مواقف بعض من يسمون أنفسهم سياسيون أو إعلاميون محترفون من بقايا النظام في الحزب الحاكم (سابقاً)، إذ لا يوفرون وقتاً ولا يألون جهداً في الدفاع عن أناسٍ عرفهم الشعب اليمني بفسادهم واستيلائهم على مرافق الدولة وكأنها ملكية خاصة بهم، يتباكون على غربان الفساد الذين تهافتوا من لظى وألسنة لهيب ثورة المؤسسات الامتداد الطبيعي للشعلة التي أوقدها شباب اليمن الحر (الثورة السلمية الشعبية)، وما زاد من اشمئزازي عندما قال المسؤول بالحزب الحاكم (سابقاً) في مقابلة مع إحدى قنواتهم بأن تلك الثورة مؤامرة على حزبه وقام بالتهديد والوعيد على هذه الثورة المؤسسية ظناً منه (غباءً) أنها بتحريض من جهة معينة ولا يعرف أنه لا يوجد جهة معينة تستطيع تحريك الموظفين بهذا الشكل ولا بغيره؛ وأذكر ذلك السياسي بأن كل مؤسسة يخرج فيها الموظفون مطالبين بتغيير الفاسد وليست من مطالبهم تغيير الحزب الذي ينتمي إليه بل ولقد قالوها صراحة (نريد قيادات نزيهة ولا يهم الحزب، فليأتِ المؤتمر ويشوف له واحد نزيه من حزبه يعنيه بد الفاسد) ألا يكفيكم هذا؟ ألا يوجد في المؤتمر كوادر؟ أم أنكم في نزاع مع النزاهة والحق؟.
والمشكلة التي فيكم أنتم كأشخاص تلصقونها إلى الحزب كله ليبقى الحزب في شقاق وبغضاء مع الشعب الذي يعرف أن هناك كوادر في المؤتمر تستحق التقدير فقط لو عندكم حسن نية، وطمأنة ذلك (المسؤول) لأولئك الفاسدين بالعودة، وقال إنهم سيعودون إلى أماكنهم حسب قانون الخدمة المدنية والواحد منهم ظل مسؤولاً لأكثر من خمسة وعشرين سنة، وقال إلا إذا ثبت عندهم مخالفة ولم يقل فساداً؛ لأنه يعتبر الفساد شيئاً عادياً ومخالفة بسيطة يمكن التسامح فيها، ومع ذلك الواقع يا أستاذ بان مخالفة (فساد) هؤلاء واضح، كيف بشخص اعتلى هذا المنصب أو ذاك وهو حافٍ عارٍ لا يملك قوت يومه أو يملك فقط ما يسد به حاجته وأسرته ليأتي بعد كم سنة من توليه المنصب وهو يمتلك السيارات والفلل والأرصدة في البنوك المحلية والعربية والعالمية، بالإضافة إلى مصاريف يومه الواحد التي تتعدى راتب موظف لمدة طويلة، ما بالك بمصاريف ولده والعديد من مرافقيه وزمرته.. الخ من أين أتت تلك الثروة الطائلة بعد ضنك العيش وهو موظف راتبه محدود، ومهما بلغت علاوته فلن تفي بجزء يسير مما ذكر؟ أم أن لدى الأستاذ السياسي الخطير والأستاذ الآخر الكوميدي وغيرهما طريقة أخرى لجلب الرزق؟ أم أنكم تستغفلون الشعب؟ فأنتم الغافلون إذ تظنون أن الشعب ما زال كما كان عندما كنتم أبواقاً تنعق بما لا تسمع إلا دعاءً ونداءً وتعزف لنا مقطوعات رديئة وترسم لوحات المستقبل بشكل مقلوب رأساً على عقب لا يفهم الشعب منها شيئاً، لكنه يسكت حباً في الأمن والاستقرار (ربما يتعدل الوضع)، والآن يبكي منها حزناً على الأداء الذي ظل مخدوعاً به طيلة الفترة الماضية..
قد نسمع عن شخص ضعيف النفس ضعيف الدين تساوره نفسه (الخبيثة) بالاستيلاء على الممتلكات العامة للشعب وممارسة الفساد بأنواعه وأشكاله، ولكن قد (ربما) يحاول التخفي كي لا تدركه الأبصار، وخوفاً من أن تلتهمه نظرات موظفيه المخلصين لوطنهم أو تعريه الصحافة النزيهة، ولكننا لم نسمع أن يتصدى شخصٌ ما ليكون درعاً واقياً وأماً حنوناً لأولئك الفاسدين مع أن الشعب بأكمله يعرف مدى فساد هؤلاء وظلمهم..
ولكن نقول لهؤلاء الله يهديكم، فالموظف لا يريد غير مسؤول يراعي مصالحه وحقوقه حسب الأنظمة واللوائح وبدون مجاملة أو محسوبية أو فساد.. والمواطن يريد مسؤولين يحافظون على الممتلكات العامة التي هي ملك للشعب كله..
نقول لرئيس الجمهورية: نريد منكم الوفاء بوعدكم بتطهير المؤسسات والمصالح الحكومية من الفاسدين دون مماطلة أو تسويف، أما إذا لم تنفذوا تلك الوعود فالشعب يعرف طريق التغيير..
مدين القحطاني
فاسدون.. وبوقاحة منقطعة النظير 1546