الحوار الوطني الشامل حول أهم القضايا الوطنية الملحة ذوات الأولوية وفي الصدارة منها:
القضية الجنوبية العادلة، قضية صعدة، والتحاور مع شباب الثورة حول مطالبهم وإطلاق القضاء العام أمامهم في كل المجالات بما يفضي إلى تسليمهم رايات النضال والعمل الوطني بصدق، وتمكينهم من نقل ثورتهم من ساحات التغيير والثورة والحرية وأبناء الثوار إلى كل مجالات الحياة ومؤسسات المجتمع والدولة باعتبارهم كل المستقبل القريب.. هذه القضايا الرئيسية الثلاث هي المدخل الرئيسي للبناء الجديد الذي تسعى للاشتراك في تشييده كل الأيادي النظيفة غير الملوثة بالدم والمال الحرام، مال وعرق الشعب.... وهذا البناء الذي نتوجه بقلوب مفتوحة لتشيده لا بد أن يقام على أرضية صلبة تتحمل الأسس القوية التي تستطيع أن تصمد أمام الزمان وعادياته. هذه الأرضية التي نعنيها ما هي إلا الأمن العام والتام في كل ربوع اليمن، والحرية غير المحدودة في التعاطي مع كل قضايانا بوعي وضمير وطني وصدق خارج أية هيمنة أيا كان مصدرها، وخارج نفوذ ومعطيات أدوات القوة والقمع والقهر السياسي، وهذا الأخير لن يتحقق إلا حينما تصبح مؤسساتنا العسكرية والأمنية تحت قيادة وطنية موحدة، بكل ما تحمله الكلمة من معاني متعددة’ قيادة وطنية مهنية تضع اللبنات الأولى لبناء قوات مسلحة محترفة ومؤسسات أمنية تخضع بكامل تكويناتها الرأسية والأفقية مباشرة وبشكل مطلق لسلطة الحكومة المدنية، محايدة سياسياً تعطي كل وقتها واهتماماتها لمهامها الدفاعية عن الوطن وسيادته وأمن سكانه بشكل كامل ومتساو وبروح عالية من الولاء الوطني المنحاز للشعب بعيداً عن كل أشكال العلاقات الضيقة المحدودة الأفق.
إن الوطن اليمني التواق إلى الحرية والعيش الكريم قد خطى في الـ 21من فبراير2012م خطوته الأولى نحو بناء مستقبله المأمول والخروج من دائرة الواقع الحالي الموجع، وذلك بفضل شبابه الثائر الذين لولا تضحياتهم وصمودهم الأسطوري لم يكن ليتحقق شيء مما نراه الآن سهلاً وهيناً، ولأن الذي جرى ويجري الآن كان، بكل المقاييس، خارج حسبان الذين ظلوا متشبثين بالسلطة أكثر من ثلاثة عقود من الزمن وأسالوا في سيبل بقائهم فيها أنهاراً من الدماء لعشرات الآلاف من الضحايا منذ سطوهم على الدولة الوطنية اليمنية عام 1978م، مروراً بحروب المناطق الوسطى وما صاحبها من عنف سياسي وموجات من الاعتقالات والتعذيب حتى الموت، وعمليات الاغتيالات السياسية للرموز والقيادات الوطنية الوحدوية التي شهدتها اليمن منذ الأشهر الأولى لوحدة الثاني والعشرين من مايو1990م وما تلاها من عدوان صارخ وظالم على شطرنا الجنوبي من الوطن عام 1994م وإجهاز على الوحدة اليمنية وإقصاء لرموزها وقيادات الدولة، وحروب صعدة غير المبررة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من اليمنيين، وصولاً إلى مذابح النظام لشباب الثورة في كل ساحاتها وحتى الـ 21من فبراير2012م.
ولكن هذا الذي تحقق رغم أهميته وعظمته لا يستطيع الصمود، وكذلك سنجد ألف مانع ومانع في أن نخطو خطوتنا التالية إن ظلت مؤسساتنا العسكرية والأمنية منقسمة على نفسها كما هو حالها الآن.
إن إعادة توحيد القوات المسلحة والأمن تحت قيادات سلطة رسمية واحدة لهو أهم خطوة على طريق البدء في إنجاز مشروع الحوار الوطني الشامل، لأن هذا الحوار المأمول سيظل صعب المنال ونوعاً من الأماني طالما بقيت المؤسستان الوطنيتان الكبريان، - القوات المسلحة والأمن - منقسمتين برؤوس قيادية مختلفة يتنازعها تعدد الولاءات، وطالما ظلت أدوات القوة خارج سلطة الدولة الشرعية المنتخبة وحكومتها التوافقية، وخارج سلطة العقل الوطني الجمعي الذي أصبح رمزه الأكبر الآن رئيس الجمهورية المفوض من الشعب الرئيس عبد ربه منصور هادي، لأنها ببساطة ستظل طوع نزعات الذين استمرؤوا القتل وسفك الدماء ونهب المال العام وبالتالي ستظل سيفاً مسلطاً على القيادة الجديدة المنتخبة للدولة ورموزها وأهدافها، وسيتم وضع العقبات والعراقيل أمام كل خطوة نحاول أن نخطوها، الأمر الذي يستلزم الشروع مباشرة وفوراً في إعادة توحيد مؤسستينا العسكرية والأمنية مبتدئين بإعادة النظر في الرؤوس القيادية للقوى العسكرية والأمنية وإعادة تنظيم القيادات الوسطى للتشكيلات المختلفة في المؤسستين مع الحرص وإمعان النظر في حسن اختيارها من ذوي الكفاءات والنزاهة والوطنية الصادقة الذين أثبتوا بجدارة حسن سلوكهم وحسن أدائهم الوظيفي خلال خدمتهم في القوات المسلحة والأمن، وسيكون لنا وقفة مع الخطوات التالية أو البرنامج الكامل المقترح لإعادة هيكلة المؤسسات العسكرية والأمنية الذي سيستغرق تنفيذه بالفعل وقتاً طويلاً وجهوداً كبيرة مخلصة.
هذه هي الخطوة الأولى المهمة والضرورية في مسيرة الألف ميل اليمانية التي نأمل أن تبدأ قريباً
khosroof@yahoo.com
محسن خصروف
الخطوة الأولى.. على طريق إعادة هيكلة المؤسستين العسكرية والأمنية 1908