وأخيراً تسلم المشير (هادي) السلطة رسمياً يوم الـ21 من فبراير بعد مراوغة كشفت الوجه القبيح للنظام السابق.. استلمها من الشعب يداً بيد بحضور جماهيري حاشد لم يحظ به الرئيس (المخلوع) يوم أن سخر كل مقدرات الدولة بما فيها المال والإعلام والجيش في انتخابات صورية ومسرحيات هزلية سيئة الإخراج!.
لم يكن (هادي) بحاجة لتلك الأصوات الهائلة للفوز بالانتخابات ( التوافقية), لكن الشعب( الحكيم) خرج بتلك الصورة الحضارية ليرسل رسالة للعام مفادها "معاً لإزالة الصنم". خرج جُل أبناء الشعب على يقين أن هذا الزخم الجماهيري هو من سيعطي الشرعية والقوة المناسبتان (للرئيس الجديد) للمضي قدماً في تحقيق التغيير المنشود الذي ضحى من أجله شباب الثورة بأنقى الأرواح رحمة الله تغشاهم.
فالرئيس (هادي) لا يعتمد على شرعية الجيش كسلفه ولا المال ولا الأقارب ولا المتنفذين والبلاطجة ولا أيٍ من تلك الشرعيات (الزائلة) التي ارتكن عليها الرئيس (المخلوع), فاعتماده الوحيد على تلك القاعدة الشعبية من أوصلته إلى الكرسي (المحاط بالثعابين) وهي الشرعية (الدائمة) التي يسعى الرؤساء (العقال) إلى إرضائها والإعلاء من شأنها للقيام بوظيفتهم بتفانٍ في المقام الأول, وللحفاظ على المنصب في المقام الثاني.
إذاً على الرئيس( الجديد ) الآن أن يعمل جاهداً لرد الجميل لتلك الجماهير الثائرة التي منحته الثقة المطلقة، ليس لأنها أوصلته إلى الكرسي وحسب, بل لأنها استطاعت تغيير خارطة اليمن, وفككت أعتا المشاريع التوريثية, وأزالت (صنم) لم يكن ليتهاوى بتلك السهولة خصوصاً أنه عُرف بالمراوغة والمكر مرتكناً بذلك إلى جيش عائلي وحفنة من (البلاطجة).
إن شعب اليمن قد عانى ويلات النظام السابق بما فيه الكفاية وآن له أن يرتاح (كباقي الخلق), على الرئيس (هادي) أن يضع حداً لمعاناة الشعب (المزمنة) وأن يجعل نصب عينيه (المواطن) في أمنه ومأكله ومشربه وخدماته الأساسية بما يكفل له العيش الرغيد في بلاد (السعيدة) التي لم تسعد يوماً!
على الرئيس أن يبدأ بهيكلة الجيش بالدرجة الأساسية لحفظ أمن المواطن والذي سيكون هذا بمثابة اختبار لجديته في انتشال البلاد من حالة الفوضى المتراكمة التي خلفها (النظام السابق) ليكون بذلك (رجل المرحلة) كما يأمل بذلك كل من تهمه مصلحة الوطن. نريد جيشاً واحداً حراً لا يخضع لأي سلطة ولا لأي فرد مهمته حفظ أمن البلاد الداخلي والخارجي!
سيكون الحوار الوطني الشامل وحل القضايا العالقة التي هي (صنيعة) النظام السابق بامتياز من أولويات الرئيس الجديد والتي من شأنها ترسيخ الأمن والحفاظ على وحدة الصف.. لابد للقضية الجنوبية أن تحتل المرتبة الأولى في جدول أولويات (هادي)، كونها لا تحتمل التأخير خصوصاً مع وجود أيادٍ خفية تتبع النظام السابق وأخرى خارجية (تعشعش) في عقول بعض الإخوة في الجنوب, نريد حلاً قبل أن تتفاقم القضية لتصبح (معقدة) حيث لا ينفع الندم!.
لا شك أن المسئولية التي ألقيت على عاتق الرئيس الجديد ليست بالأمر الهين وكذلك رئيس الوزراء (باسندوة) وعليهم أن يثبتوا صدق توجهاتهم في وضع اللبنات الأولى للدولة المدنية, فالمهمة بلا شك غاية في التعقيد ولكنها ليست بالمستحيلة.. فشعبنا قد سئم الشعارات البراقة و الوعود الكاذبة ويريد ببساطة أفعالاً بدل تلك الأقوال التي لطالما تشدق بها سابقيهم.
إن أمام الرجلين فعلا اختبار حقيقي وأمل عظيم ترتكن عليه كل الجماهير التي يهمها مستقبل الوطن, فكونهما سيبدآن المرحلة من نقطة (الصفر), فلا بد لهذه اللبنات الأساسية أن تكون راسخة بما فيه الكفاية لكي لا تتهاوى على رؤوس قاطنيها.. فبناء المؤسسات اليمنية (بما فيها الجيش الواحد) بعيداً عن الإملاءات الخارجية والوصاية القذرة تحت مبررات (الدعم) وبالتالي جرجرة قيادة الدولة بقصد أو بدون قصد إلى مستنقعات النظام السابق لنعود من جديد إلى (حكاية سعيدة.. والعصيد), على الرجلين أن يتنبها لمثل هذه القضية وأن يحرصان كل الحرص على أن يكون التدخل الخارجي جزء من الحل لا فرض هيمنة وموطئ قدم في وطننا!.
على الرئيس الجديد أن يخرج من عباءة المخلوع وكذلك من حزبه المشئوم الذي لم يعد يسكنه سوى البوم والجيف النتنة .. فهو رئيس للشعب , كل الشعب ومصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار والكرة في ملعبه.. فهل يفعلها هادي؟!.
متولي محمود
هل يفعلها (هادي)؟! 2074