المجتمع اليمني بحاجة ماسة إلى صناعة وعي حقيقي، بحاجة فعلاً لوعي على كل المستويات الشرعية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وحتى الأسرية والإدارية والصحية أنا لا أقلل أبدا من وعي المجتمع اليمني فأسس الوعي قائمة فيه وأكبر ما أستدل به على هذا هو استطاعة هذا الشعب تجاوز عقبات وأزمات خطيرة في مسيرته التاريخية.
نشر الوعي الصحيح والفهم السديد للأمور ومعرفة دلالات الأحداث والوقائع ونتائجها وما يترتب عليها وطرق معالجتها والتعاطي معها ينبغي أن يكون حديثاً مستمراً وعادة مصاحبة لمجالسنا ومنتدياتنا وحواراتنا وإعلامنا وبرامجنا, ثقافة الوعي العميق ثقافة مركزية ينبغي أن تعيها تماما النخب السياسية والاجتماعية والعلمية في مجتمعاتنا ينبغي ألا يكون هناك احتكار للوعي من قبل النخب المسيطرة أو الحاكمة أو الفاعلة في المجتمع أقول يجب أن يكون من الحقوق الأساسية للمواطن أن يعرف ما يحصل من حوله وأسباب حدوثه وتداعياته وما يجب عليه نحوه لماذا يجب لأن المواطن هو العنصر المتأثر بالدرجة الأولى مما يحصل ... إن وجود مجتمع واعِ بدرجة كافية يمنع حصول الاستبداد,, يمثل الوعي رقابة حقيقية تمنع الاستغلال أو حصول التجاوزات القانونية إن الوعي حصانة متينة لفكر المجتمع من الغزو الثقافي إن الوعي بمثابة نقطة تفتيش تمنع دخول الأفكار الدخيلة والمخلة بفكر وعقيدة الشعب لا يمكن أن نسمع بدولة متقدمة ومتحضرة دون أن تكون نسبة الوعي فيها عالية جداً, التتار قاموا بغزو العالم الإسلامي بقوة السلاح وليس بقوة المعتقد أو الفكر لكن بمجرد انغماسهم في المجتمع المسلم الذي يتمتع بوعي كبير وعقيدة سليمة ذاب التتار فيه لأنهم يعتبرون أصفارا في معركة الوعي ..الحكومة الجديدة عليها مسئوليات كبيرة ومن أعظم المسئوليات صناعة وعي سليم كيف تضمن الحكومة نجاح برامجها وتفاعل المجتمع مع مشاريعها دون أن ترسي قواعد الفهم العميق لتلك البرامج والمشاريع ,, من النقاط الأساسية التي ينبغي مراعاتها في أثناء صناعة الوعي السليم :
ــ الاهتمام بالإعلام كونه آلة جبارة أثبتت فاعليتها في توجيه الرأي العام ومن السهولة لهذه الآلة السحرية صناعة وعي عميق وسليم، يجب على هذا الإعلام ترك البرامج والمسلسلات التي لا تزيد المجتمع إلا وعياً سقيماً مغلوطاً للأمور.. إن البرامج الجادة والهادفة أثبتت نجاحها فكم عدد المشاهدين لقنوات الأخبار والبرامج الحوارية الجادة مقارنة بالقنوات الأخرى؟؟ أشهر البرامج والقنوات هي التي يخرج المشاهد منها بفائدة فكرية ووعي سليم ــ إنشاء مراكز الدارسات والبحوث المتخصصة كمصدر مركزي يعمل على تشكيل وصناعة الوعي مع تناول تلك الدارسات بالمناقشة والنشر ــ تقديم الخبراء والمفكرين في مختلف التخصصات والعناية بهم والأخذ بمشورتهم ــ العلماء ورثة الأنبياء وبدونهم يكون وعي مجتمعاتنا مشوه وشديد النقص ــ إقامة الدورات والندوات والمؤتمرات ومنح الشهادات والجوائز حول موضوع الفكر وآليات البحث العلمي موضوع الوعي وصناعته موضوع ذو بال لما يترتب عليه من تقدم لمجتمعاتنا المسلمة أو تأخر وتراجع لها الوعي كالبصر للمجتمعات في حال فقده ستحتاج بلا شك إلى من يقودها من غير جنسها .
أختم بمقولة جميلة للدكتور عبدالله النفيسي حول موضوع التاريخ الإسلامي أشار فيها إلى كيفية التعاطي معها بإدراك ووعي مفيد يقول :
"ومن هنا كان لزاماً الابتعاد عن فخاخ الجدل حول التاريخ الإسلامي، والانتقال من العقلية الماضوية التي تحوم حول الماضي، إلى العقلية المستقبلية التي تشرئب للمستقبل، حتى يدرك الجمهور أن الإسلام هو مشروع نهوض للمستقبل القريب والبعيد"
بمثل هذا النقل يصنع الوعي الصحيح
H_mm1@hotmail.com
حمير مثنى الحوري
المجتمع اليمني بحاجة إلى صناعة وعي 2069