;
فاطمة العمري
فاطمة العمري

أغيثوا طفولتنا 1870

2012-03-02 01:13:47


طفل يلهو ويستمتع بتخريب كل ما يجده تجاه من أغراض.. وطفل يختار ما يروق له من كلمات وألفاظ يجذب لها كل من يستمع إليه.. طفل تقف أمامه مذهولاً لشدة فطنته وذكائه وفصاحته. وطفل تعجز الكلمات عن وصفه ومدحه لما حباه الله من جمال وجاذبية طفل.. لا تملك حينا عندما تراه إلا أن تهرول إليه حاضناً ومقبلاً وداعياً له بالحفظ والسلامة.. طفل تقطر شفتاه عسلاً لجمال كلماته تظل في شوق لأن ترتشف جرعة منها.. وأطفال لا تستطيع جر النهدات عندما تنظر إلى طفولتهم الضائعة المهدورة و"المهملة".. وأطفال تبكي عندما لا تجد فيهم طفولة، فقد سُلبت فيهم تعمداً وعنوة.. فمنهم من يقتسم لحظاته وساعاته البريئة هو والطرقات والشوارع المليئة بمن يرحم ومن لا يرحم.. أنظر إليهم وأقول في نفسي: في ذمة من هؤلاء الأطفال.. لقد سُلبت تلك البراءة لتُستبدل بثقل المسؤولية والتعب، فهم يتنقلون من ركن إلى آخر ومن شارع إلى آخر بحثاً عن لقمة العيش المغمسة بالدموع.
منهم على سبيل المثال من يفترش الأرض بائعاً لبعض الكتيبات ومنهم من يتوسد الجرائد والمجلات وهناك من يتنقل يمنةً ويسرة لبيع بعض المحارم الورقية وغيرها وما يزيدك ألماً وقهراً أنهم في حالةٍ يرثى لها من ملابس رثة وأقدام حافية.. وبطنٍ خاو لا أثر فيه لطعام.. ولكن هل من عين رفقٍ تنظر إليهم.. لماذا؟! لتوفر لتلك الوجوه قيمة تلك الطفولة حتى يعيشوها مطمئني البال..طفولة ممزقة الاسم والمعنى.. أطفال هنا وهناك يملأون الشوارع وكأن البيوت لم تعد سكناً، فلا تكاد تمد نظرك حتى تجد أطفالاً في كل زاوية وأصبح اليمن يتميز بطفولة خارج المنازل، فما أكثر تفلتنا تجاه الأطفال، فكثير من الآباء تجده في مجالس القات والغالبية العظماء من النساء تجدهن على قولهم في "تفرطة" واجتماع نسوي خالٍ من أي اهتمام تجاه من تركن في الشوارع من أبنائهن ولا تخلو الشوارع من حوادث سير واحتطافات وماشابه وعندها يأتي الندم بعد فوات الأوان.
وهناك أطفال سلبت من آبائهم الرحمة، فتجده يضربه بقسوة ليلاً ونهاراً، قد يكون جهلاً ولكن ما ذنبهم؟.. إني أستحضر قول ابن عمر رضي الله عنهما عندما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. "لا ترفع العصا على أهلك وأخفهم بالله عز وجل" أي خوفهم باله ولا تضربهم.. بيوتنا بحاجة ماسة للرفق والحب والحنان، وقد قال الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه "يا عائشة أرفقي فإن الله إذا أراد بأهل بيتٍ خيراً أدخل عليهم الرفق".
وهناك آباء لا يبالون بتعليم أبنائهم وتربيتهم على كتاب الله وسنة الحبيب محمد، صلى الله عليه وسلم فتجدهم متخبطين لا يعلمون عن الله ورسوله شيئاً.. الخ.
وهناك أطفال أصبحوا ضحية والدين مشتتين، فماذنبهم حينها وماذا جنوا ولماذا تبحثون عن الذرية والأطفال وعندما يرزقكم الله تصبون عليهم سيلاً من الإهمال وعدم الاهتمام؟.. أتساءل مرات كثيرة إذا لم تكن جديراً بطفلك فلماذا كنت سبباً بمجيئه؟ ولماذا نلاحظ أطفالاً في قمة الاتساخ والإحباط؟ ألا يعي أحدكم معنى الطفولة وقيمتها وأن هؤلاء الأطفال هم بناة الوطن القادم؟..
وهناك أمهات يهملن فتياتهن دون رقابة في الشوارع وقد نسيّن أو تناسين أن البراءة ولت وذهبت سواءً الفتيات أو الأولاد، ففي هذه الأيام لا بد أن تخاف على البنت والولد على حد سواء.
أطفالي الأحبة.. يا أحباب الله ويا زهرات الحياة التي لا تحلو إلا بكم رغم آلامها، فأنتم من تمسحون عنا غبار السنين بابتسامة صغيرة تلوح على محياكم الجميل.. يا ملائكتي.. عجزت عن الحديث عنكم واحترت أأتحدث مدحاً أم تقصيراً وما تراها كلماتي تصنع بآباء وأمهات غاب عنهم ما كانوا عليه سابقاً وما آلوا إليه اليوم؟.. فلماذا أصبحت طفولة اللسان والوقاحة "علكة" بفم معظم الأطفال؟ وما يزيد الطين بلة التشجيع فهناك من يقول ما أجمل ما يقول أو ما أحلى تلك الألفاظ من فمه.. إلخ.
لا أستطيع وصف طفولة الأيام الحاضرة، أقول حمداً لله أني لم أكن منهم بالرغم مما آلمني لطفولتي الخالية من الطفولة.
أيها الآباء.. إن حال الأطفال اليوم لا يبشر بخير، فزيدوهم اهتماماً وعطفاً ورعاية، فأنتم مسؤولون وهذه أمانة عظيمة، كفاكم طبع "اللامبالاة" وتذكروا قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن السيدة/ عائشة ـ رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول في بيتي هذا "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به".
أغيثوا الطفولة.. وفروا لأطفالكم بدائل للنزهة واللعب في غير الشوارع.. أوجدوا حلولاً لطفولة خالية من الأعمال الشاقة وقوموا على توفير التعليم لمن حُرم منه بسبب وغير سبب.
أتمنى لكم طفولة يا أبنائي برئية طاهرة مهذبة يملأها حب الله ورسوله وحب كتابه، تحفها المحبة وتحتضنها قلوب تزرع فيكم المبادئ والقيم الحقيقية دون تشويه.
الطفولة ثم الطفولة فلا تبخسوها حقها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد