يقول فهمي هويدي (نحن مدينون باعتذار إلى الشعب السوري، الذي يذبح تحت أعيننا كل يوم منذ أحد عشر شهراً، في حين خذلته الشعوب العربية ووقفت منه موقف المتفرج,كأنما صار «قلب العروبة» محاطاً بعرب بلا قلب) انتهى كلامه, فهل رأيت المشاهد والصور هل رأيت المقابر والأكفان هل شاهدت أطفالاً خرجت أمعاؤهم ومزقت أعضاؤهم وطمست من شضايا القصف أحداقهم؟.. أجساد شباب وفتيات قد انتفخت وتعفنت تجدها ملقاة على الأرض تنتظر من يعيد للإنسانية كرامتها بدفنها.. هل رأيت طابور الثكالى واليتامى أيها العربي الأصيل؟ لا شك أنك رأيتهم يقادون كما الأنعام غير أن جلودهم قد سلخت وعظامهم قد هشمت وكسرت لقد انتهكت الأعراض وحولت البيوت إلى مقابر.
أيها الإخوة كيف أصف المأساة وما زالت الجنائز تسير أمام أعينكم والمعذبين يسمع صراخهم في شاشاتكم والأطفال يستنصرونكم والأمهات تصيح في وجهوكم تستنهض فيكم رجولتكم ونخوتكم التي ضاعت منكم حين ضاعت خيمة العربي الأصيل من صحاريكم، كأن سوريا مسرح وأهلها يمثلون ونحن نشاهد ثم نسجل دهشتنا بحسن أدائهم فقد استطاعوا أن يمتعوننا بمشهد حزين ومعبر.. أيها العربي أستنهض فيك نخوتك وأصالتك ونجدتك ونصرتك للمظلوم أيها المسلم أستنهض فيك واجب الأخوة الإيمانية والنصرة الإسلامية والأمانة الربانية، ألا يوجد فيكم أيها العرب المعاصرون حلفاً كحلف الفضول نجيبه؟ ألم يبق فيكم أيها المسلمون معتصماً ينادي فينا فنجيبه وننقذ امرأة دمشقية لطمت ودعست واغتصبت وسجنت؟ وسحقت أيها الغربيون والشرقيون أين منظماتكم التي تدعون ومجلس أمنكم الذي تقدسون وأموالكم التي تنفقون بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان من طفل وشيخ وامرأة فها هي المأساة ماثلة والجريمة مستمرة فمن يفك حصار الشعب؟ أيها السياسيون مالكم تتعاملون مع سوريا ببرود وتململ حتى على مستوى التصريحات والإدانة؟
أفي الدماء والقتل والاغتصاب وألوان العذاب سياسة حمص وحلب ودير الزور وإدلب وريف دمشق وأسماء أخرى قد جاس فيها الموت وانتشر بها القتل وانتزعت منها الرحمة ونزل بساحتها الخراب ويبست في ربوعها البساتين زلزلت الأرض تحت أقدامهم وانشقت الأرض تضم شهدائهم اعتادت حدائقهم أصوات المدافع بعد أن ماتت أصوات الطيور، نزل بأرضهم قوم يقال لهم إنس وليس لهم من الإنس إلا الأجسام، فأما القلوب فهي قلوب كل ذي مخلب وناب من وحوش وطيور جارحة عاشت على الجيف وتموت عليها؟
أيها القراء لا بد أن تعرفوا سوريا لكي تعرفوا هوية المقتول وتعرفوا وزنه؟! أيها السادة لا تظنوا أن قاتل سوريا اليوم هو بشار وأمة وعائلته، لا فهناك مشاركون في الجريمة تخطيطاً وتوجيهاً ودعماً وتنفيذا، هناك إيران الفارسية وحزب الشر اللبناني وجيش المهدي العراقي.. هناك الساكتون عن الجريمة والمدافعون عن القتلة وكلهم سيسألون
(ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون).. ما كتبت لكم لكي تقرأون كلاماً مرتباً تبدون استحسانكم به وارتياحكم لقراءته، إنما كتبت إليكم لألفت نظركم للمأساة وأعلمكم أن لإخوانكم في سوريا حقاً عليكم من نصرة بالنفس وبذل للمال، فمن لم يستطع فالدعاء نعم السلاح غير أن عليكم واجباً مهماً تجاه الدم السوري وهو أن تكشفوا الجناة والقتلة عبر وسائل الإعلام سواء كانوا أفراداً أم دولاً بعينها, ألا فقاطعوهم وتجمهروا أمام سفاراتهم وقنصلياتهم ليعلموا أن ضمير الإنسانية لا يزال ينضح بالحياة وأن دماء السوريات وأبنائهن سيطاردهم وينتقم منهم ولو بعد حين، إلى متى سنظل ننشد للشهداء أشعار الوفاء هل توقف هذه الأناشيد والأشعار والخطب دماً يراق أو تمنع رصاصة تقتل أو تنقذ سورياً يعذب؟
لقد بلغ السيل الزبى والله.. ألا فإن دليل الوفاء للشهداء هو طرد السفراء وتقديم الغذاء والكساء والرصاص والمدافع وإهداء صناديق الذخيرة لكي يدافع الناس عن أنفسهم وأعراضهم...غير أن ما يغيضني ويؤلم قلبي أن في الدماء والقتل وألوان العذاب " سياسة " فمتى يا ترى يغادر الموت وتبقى الجمهورية؟
h_mm1@hotmail.com
حمير مثنى الحوري
جمهورية الموت 2192