الجندي هو ذلك المواطن الذي رغب وبشدة أن يكون حارساً لوطنه من الخارج وحامياً للقانون بالداخل ومدافعاً عن كرامة المواطن الصالح وهو على استعداد للتضحية بأغلى ما يملكه من أجل ذلك "حياته"، ينجد الناس إذا استنجدوه، أو إذا هم بحاجة إلى نجده ولا يبالي في ذلك الخطر الذي قد يحيق به، بل وقد يقدم سلامته وروحه رخيصة من أجل أن لا يتأذوا بأذى بسيط.
أيامه ولياليه تعب ونكد فهو بالنهار إما بالصحاري، والقفار يتدرب بين شمسها وحرها كي يكون قادراً على حماية بلده، أو في الجولات ينظم سير المركبات لأجل سلامة المارين أو يرصد العناصر المطلوبة لدى الجهات القضاية التي تخل بأمن واستقرار المواطن، أو تجده يواجه الموت في مهمة الحفاظ على الأمن والاستقرار من منطقة ما، أو ذهب في مهمة أخرى وإلى منطقة أخرى ليسترجع لأحدهم حقاً أخذ أو نهب تنفيذاً لحكم قضائي..
هذا نهاراً أما ليلاً فتجده قائماً متيقضاً لم تغمض له عين لينام المواطن في بيته بسلام لا يخاف لصاً أو غيره، أو تجده متنبهاً لم يرق له جفن شاهراً سلاحه نصب عينيه يحرس الوطن من أي عدو خارجي قد تسول له نفسه أو يرغب بالدخول إلى الوطن بغير طريقته الشرعية والسلمية.
إذا هذا كله في جانبه المعنوي، فإذا أتينا إلى جانبه المادي والذي يتمثل في راتبه وحقوقه فإن راتبه لا يفي بإيجار شقة بل لا يفي بشراء بدلة واحدة لابن مسؤول ما بالك بمصاريفه وزوجته وأولاده وما بالك أن كان هو من يعول عائلة والده ولديه أخوة صغار وأخوات، ما بالك بأكلهم وشربهم ولباسهم وعلاجهم ودوائهم.. الخ كيف يواجه كل ذلك.
هذا راتبه، أما حقوقه فهي ضائعة تماماً أو تائهة في رياح بين عواصف فساد قائده "مع تقديرنا لكل قائد مخلص نزيه طاهرة يده من حقوق أفراده".
أعزائي.. كل تلك التضحيات ليست موضوعي فهي معروفة لدى القارئ ولدى الجميع وإنما أردت أن أذكر تضحيات هذا البطل، نحن نبحث عن شيء آخر نسبة أو تجاهله الكثيرون، وهو حمايته عند القيام بمهمة حفظ الأمن في أي مكان أو الدفاع عن أي منشأة عامة أو خاصة.
قد يتعرض الجندي لخطر وهو يؤدي واجبه وقد يتطور هذا الخطر إلى مواجهة مسلحة تستوجب عليه مهمته الوطنية بل ويفرض عليه الظرف ذلك لأجل حماية ما كلف به، فهو بين خيارين أما الدفاع عما كلف به ولو بنفس الفعل الموجه إليه ويفترض أن يكون بسلاح قاتل او يترك مهمته حقناً لدمه ودم المعتدي وخوفاً من المحاسبات والملاحقة التي لا تراعي العمل الذي قام به من أجله هذا الفعل"القتل" لأنه لا يوجد قانون يحميه في هذه الحالة، فإن قتل مضطراً وهؤ يؤدي واجبه سحب إلى المحاكم والنيابات وبدون كرامة وكأنه مجرم وليس مدافعاً وفارضاً للقانون.
لذا نريد قانوناً يحميه في تلك الحالة وينظم له ذلك لكي ينفذ مهمته ولا يخاف مما قد يحصل له من إذلال. ويجب أن يكون له حقوق وعليه واجبات ويعرفها فيجب أن يحمي القانون الجندي الذي ارتكب الفعل "القتل" إذا كان ينفذ مهمة رسمية لفرض القانون وفرض هيبة الدولة بأي مكان سواء حماية منشأة أو القبض على مجرمين خطيرين أو غير خطيرين ما داموا شاهرين سلاحهم في وجه الدولة بشرط أن يكون الفعل "القتل" الوسيلة الوحيدة لذلك أو أن أضطر لفعله اضطراراً لا يمكن أن يدرءه إلا بهذا الفعل وعلى هذا الأساس لا يحمي القانون من ارتكب الجريمة قاصداً متعمداً ليجب التفريق بين الاثنين.
وعلى نحو هذا كنا قد سمعنا في السنوات القليلة الماضية عن قانون يتكلم بنفس الموضوع والطريقة التي يحمي بها وأكثر تفصيلاً وهو مناسب من المفترض أن يكون قد خرج إلى النور ويبدو وجد كثيراً من المعارضين الذي يرون أنه سوف يقيد من نفوذهم من مشائخ وقادة ولكن:
حملت ذلك القانون أمه ومضت به تتبختر
وتقول باعتزاز: هذا أخير.. هذا .. أخير
افسحوا له.. كي يحمي ذلك المقدام..
وبسرعة اختفى.. فرحنا نسأل.. مالخبر؟!
فجأة لا ندري كيف ذلك القانون انصهر!!
ذاب من حر الفساد.. وتبخر..
قبل أن يرى نوره الجندي.. ويفخر..
هل مات؟ .. هل تاه؟.. هل غادر؟
يبدو أنه قد انتحر..
أين مجلس النواب الموقر؟
أين قائدنا الحر.. المبجل؟
وفجأة جاء صوت من بعيد.. خافت..
لاندري.. من أين حضر!!
قال أدفنوه قبل أن يخرج للنور.
فلربما.. سوف نخسر.
وقولوا لهم إنما كانت أحلام.. بداخل دفتر..
أو مجرد كتابة على ورق مسطر!
ماذا يحمي؟
إنما هؤلاء مجرد.. عسكر؟.
لست أدري ولكن هكذا أراد الربان!!
وهكذا القانون تبخر!!.
ولا استغرب الصمت من القادة العسكريين والأمنيين فهم يريدون أن يلمعوا صورهم أمام الجنود والرأي العام كي يقال "القائد الفلاني وقف مع الجندي حتى أخرجه من السجن وخلصه من المحاكم.. أنه قائد يحمي جنوده ويقف معهم، حقاً أنه قائد وفي ورائع" ولو كانت هذه المقولة صحيحة لكان هذا القائد هو أول من طالب لجنوده الذين يرسلهم في الحماية القانونية وليست الشخصية ولكان طالب بإخراج ذلك القانون إلى النور ولناظل من أجل إخراجه إلى أرض الواقع ولكن اعتقد أنهم هم من أوقفوه في الظلمة لأجل السبب الذي ذكر آنفاً "التلميع والمقولة"، أو هم ساعدوا من أوقفوه... والجندي يريد القانون هو الذي يحميه تلقائياً والقانون الذي يدينه وبدون تدخل نافذ هنا أو هنا وليست "القبيلة" أو "الشهامة المفتعلة".
في الأخير وليس بآخر نرجو من رئيسنا المنتخب وحكومتنا الوفاقية أن تنظر إلى الجندي النظرة التي يستحقها وإصدار القانون الذي ينظم حماية الجندي وليس في هذا الظرف فقط ولكن أيضاً في ظروف أخرى لا تقل أهمية تتمثل في إهانته سواء بالاعتداء أو الضرب فقط ولكن أيضاً في ظروف أخرى لا تقل أهمية تتمثل أهانته سواء بالاعتداء بالضرب أو التهديد أو توجيه إليه ألفاظ بذيئة وهو يؤدي واجبه أو بزيه الرسمي أو بسبب تأديته لواجبه وهذا ضروري جداً من حيث أن إهانته بهذه الهيئة إهانة للقانون والدولة وعزة عزاً لها ولا تستطيع الدولة فرض هيبتها بغير ذلك.. وفق الله الجميع لما هو مصلحة الوطن.
مدين القحطاني
الجندي.. حامي القانون وحامي الوطن.. بحاجة إلى قانون ينظم حمايته 1917