;
د.علي الفقيه
د.علي الفقيه

هل العولمة هيمنة ومجتمع مخاطر 2035

2012-02-29 03:25:41


مصطلح عولمة حول إلى مجرد بديل لكلمة هيمنة بحيث أصبحت الكلمة حجاباً يحول دون فهم للظاهرة نفسها، والواقع أن العولمة قد تنتج الهيمنة، لكنها في ذاتها شيء آخر، لقد عرف التاريخ البشري منذ أقدم العصور التوسع الذي تقدم عليه الأطراف الأكثر قوة وتتضرر منه الأطراف الأضعف، وبدأ هذا الاتجاه منذ بداية الوجود البشري ذاته، فقد بدأت هجرة الإنسان من أفريقيا إلى الشرق الأوسط ثم إلى العالم كله، وبذلك بدأت الحضارة، وهي مزيج من التبادل النافع للبشر وهيمنة بعضهم على البعض الآخر، وتحول إعمار الأرض في كثير من الأحيان إلى صدامات بين المجموعات البشرية الوافدة والمجموعات السابقة بالاستقرار.

لقد نشأت غالبية الحضارات الكبرى نتيجة عمليات توسع لم تخل من الهيمنة سواء غلب على التوسع الطابع السلمي أم الحربي، في التاريخ كان هناك التوسع الهيلنستي مع الإسكندر المقدوني وبعده، وقد انتشرت معه الفلسفة والعلوم الإغريقية إلى خارج موطنها الأصلي، والتوسع الروماني الذي نشر فكرة الدولة القائمة على المؤسسات والقانون، يبدو أنه لم تحصل في التاريخ البشري الطويل أكثر من عولمتين: الأولى هي المعروفة بالثورة النيوليتية وقد نقلت البشر من نشاط الجني والصيد إلى النشاط الزارعي بفضل ظهور تقيات الري والحرث وتدجين الحيوان، والثانية هي المعروفة بالثورة الصناعية وقد حولت مركز تقنيات من النشاط الريعي "استخراج خيرات الأرض والمتاجرة بها" إلى النشاط الصناعي، وقد حصلت في أوروبا ثم عمت أجزاء واسعة من العالم وتدرجت في مرحلتين متكاملتين حصلت الأولى في القرن التاسع عشر وارتبطت بالمركز الأوروبي وكانت صناعية بالمعنى الضيق للكلمة، وحصلت الثانية في نهاية القرن العشرين في مجال الاتصال والمعلومات وتوزعت على مراكز كثيرة في أميركا وأوروبا وآسيا.

ولقد رافق العولمة الصناعية التوسع الاستعماري الأوروبي، لكن العولمة الاتصالية الحالية أشكال جديدة من الهيمنة أيضاً.
تؤدي العولمة إلى نتائج بعيدة المدى وتترك آثارها على جوانب الحياة الاجتماعية جميعها تقريباً، غير أنها باعتبارها عملية مفتوحة متناقضة العناصر، تسفر عن مخرجات يصعب التكهن بها أو السيطرة عليها، ويمكن دراسة هذه الظاهرة من زاوية ما تنطوى عليه من مخاطر، فكثير من التغييرات الناجمة عن العولمة تطرح علينا أشكالاً جديدة من الخطر، تختلف اختلافاً بيئياً عما ألفناه في العصور السابقة.. مجتمع المخاطر نظرية اجتماعية تصف إنتاج وإدارة المخاطر في المجتمع الحديث.

 وإذا كان البشر قد تعرضوا للمخاطر طوال تاريخهم المكتوب، إلا إن المجتمع الحديث معرض لمنط خاص من الخطر، هو نتيجة، لعملية التحديث ذاتها التي غيرت من التنظيم الاجتماعي، وقد ترتب على نشوء المجتمع الصناعي بما يتضمنه ذلك من استخدام واسع للآلات في المصانع والمزارع في البدايات الأولى له وتطوير الاعتماد على التكنولوجيا التي غيرت كل ميادين الحياة.

الخطر في ذاته يمثل مبدأ لتنشيط الطاقات الإنسانية وخصوصاً فيما يتعلق باستكشاف عوالم وأسواق جديدة، ولعل مما يضئ الجوانب المعتمة في موضوع علاقة المخاطر بتطورات المجتمع الصناعي، تعقب التاريخ السياسي والمؤسسي له باعتباره مجموعة قواعد نشأت من خلال صراعات متعددة للتعامل مع مخاطر هذا المجتمع، وضروب عدم الأمان التي صاحبت تطوراته المتعددة، ولا بد من الإشارة إلى تطور نظام التأمين الذي واكب صعود الرأسمالية الصناعية، لأنه كان نظاماً فعالاً يقي الأفراد من عواقب المخاطر أياً كان نوعها، ازدياد المخاطر في المجتمع الحديث ترتبط بالتطور الصناعي والتكنولوجي، أما المخاطر البيئية فيود جزء كبير، منها على تدخل الإنساني في مجال البيئة الطبيعية، واندفاع الرأسمالية المتوحشة بمشاريعها العملاقة في الصناعة والزراعة لاستنزاف الموارد الطبيعية، الأمر الذي أحدث خللاً في التوازن البيئي ويمكن الإشارة هناك إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وآثاره على الغلاف الجوي للأرض، فقد تبين في السنوات الماضية أن حرارة الأرض آخذة في التزايد بفعل احتباس الغازات الضارة داخل الغلاف الجوي.

ثالث المخاطر يتمثل في المخاطر الصحية التي من أبرزها ظهور أمراض جديدة تأخذ شكل الأوبئة مثل الإيدز بالنسبة للبشر من ناحية، وجنون البقر من ناحية أخرى، وانتشار هذه الأمراض في حالة جنون البقر مثلاً ـ إلى تزايد استخدام المواد الكيماوية المبيدة للحشرات وللأعشاب الضارة في الإنتاج الزراعي والتجارية، وفي مجال تربية الحيوانات التي أصبحت بدورها تحقن بالهرمونات المضادات الحيوية، إضافة إلى أنواع المخاطر الثلاثة فإنها تشمل سلسلة من المتغيرات المترابطة المتداخلة في الحياة الاجتماعية المعاصرة، ومن جملة هذه المتغيرات: التقلب في إنماط العمالة والاستخدام، وتزايد الإحساس بانعدام الأمن الوظيفي، وإنحسار أثر العادات والتقاليد على الهوية الشخصية وتآكل أنماط العائلة التقليدية وشيوع التحرر والديمقراطية في العلاقات الشخصية.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد