باعتقادي أن ما حدث أمس في دار الرئاسة يعتبر عملاً إيجابياً وخطوة في اتجاه ترسيخ تقليد رائع وأنموذج متميز في نقل السلطة وتداولها بشكل سلمي وحضاري وبطريقة سلسلة وراقية.. لقد كانت كلمة الرئيس عبدربه منصور هادي مقتضبة وهادفة وموجهة وخاصة قوله أنه بعد سنتين سوف يسلم السلطة والرئاسة لشخص آخر وقيادة جديدة كما يتسلمها اليوم من الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي ظهر عليه وهو يلقي كلمته ملامح الحزن والشعور بفقدان السلطة ومغادرة كرسي الرئاسة، ومع ذلك فقد كان الرجل شجاعاً وهو يقف هذا الموقف ويتحدث عن الرئيس الجديد قائلاً: فخامة المشير الرئيس عبدربه منصور هادي، وكرر عبارة رئيس الجمهورية عدة مرات، في دلالة على اعترافه بالأمر الواقع واستسلامه لسنة التغيير وقدر التداول مع الشعور بالمرارة وبالحزن والأسى والأسف على ملك ضاع وسلطان انتهى..
والذي يهم الشعب وعموم الناس أن اليمن أصبح له رئيس منتخب حاز على ثقة الأغلبية وحصل على الشرعية الدستورية والشعبية والوطنية، ورئيس سابق – عليه وله – التاريخ سيحكم على فترة حكمه وسيسجل أحداث 34 سنة من حياة اليمنيين وتاريخ اليمن الحديث.
والحق أنني وبعد متابعة حفل الاستقبال والتوديع أعتقد أن قرار المشترك وشركائه بمقاطعة الاحتفال لم يكن عملاً صائباً، وكان حضورهم سيعطي للحدث زخماً ولليمن وللوفاق تماسكاً والأوضاع تهدئة واستقراراً وللناس أمناً وأماناً وللمشترك نفسه فخراً واعتزازاً ورفعة ومكانة..
صحيح أن فعالية أمس وحفل التنصيب ليس في الدستور ولكن متى كان في الدستور انتخاب رئيس توافقي ومرشح واحد ولمدة سنتين؟1 لقد كان الأمر كله استثنائياً وتوافقياً وحلاً لمشكلة ومعالجة لأزمة ونتيجة لثورة..
أقدر موقف المشترك في اتخاذ موقفه هذا وأتفهم بعض أسبابه ومبرراته، لكن لا أتفق معه ولا أعتقد صوابه.. وفي كل الأحوال أتمنى كما تمنى الرئيس عبدربه منصور هادي أن يقف الرجل بعد سنتين موقف علي عبدالله صالح اليوم، ولكن بدون العوامل والأسباب ذاتها، أي بلا ثورة ولا أزمة ولا صراع ولا أحزاب وإنما باتفاق ووفاق وفي إطار الدستور والقانون والنظام (الجديد) وفي إطار اليمن (السعيد) والوطن الواحد الموحد، فما زالت البلدة طيبة والرب غفور والشعب إن شاء الله سيكون شكوراً وحفظ الله اليمن من كل سوء ومكروه..
عبد الفتاح البتول
ما زالت البلدة طيبة والرب غفور والكرسي أخذ يدور 1943